ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 09:18 م]ـ
أوائل الشعراء
لم يكن لأوائل الشعراء إلا الأبيات القليلة يقولها الرجل عند حدوث الحاجة.
فمن قديم الشعر قول دريد بن نهد القضاعي:
اليَوْمَ يُبْنَى لِدُوَيْدٍ بَيْتُهُ = لَوْ كان للدَّهْرِ بِلًى أَبْلَيْتُهُ
أَوْ كان قِرْنى واحداً كَفَيْتُهُ = يا رُبَّ نَهْبٍ صالِحٍ حَوَيْتُهُ
ورُبَّ عَبْل خَشِن لَوَيْتُهُ
وقال الآخر:
أَلْقَى عَلَىَّ الدَّهْرُ رِجْلاً ويَدَا = والدَّهْرُ ما أَصْلَحَ يوْماً أَفْسَدَا
يُصْلحهُ اليومَ ويُفْسِدُه غَدَا
وقال أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان، واسمه منبه ابن سعد، وهو أبو غنى وباهلة والطفاوة:
قالتْ عُمَيْرَةُ ما لِرَأَسِك بَعْدَ ما = نَفدَ الشَّبَابُ أَتَى بلَوْن مُنْكَر
أَعُمَيْرَ إِنَّ أَباكِ شَيَبَ رَأَسَه =مَرُّ الليالِي واخْتِلاَفُ الأَعْصُر
وقال الحرث بن كعب وكان قديماً:
أَكَلْتُ شَبَابي فأَفْنَيْتُهُ = وأَفْنَيْتُ بَعْدَ شُهُور شُهُورَا
ثلاثةُ أَهْلِينَ صاحبْتُهم = فبانُوا وأَصْبَحْتُ شَيخْاً كَبِيرَا
قَلِيلَ الطَّعَامِ عَسِيرَ القيا = مِ قد تَرَكَ القَيْدُ خَطْوِى قَصيَرا
أَبيتُ أُراعي نُجُومَ السماءِ=أُقَلِّبُ أَمْرِى بُطُوناً ظُهُوراً
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:09 م]ـ
تراجم الشعراء
امرؤ القيس بن حجر
هو امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي،
وهو من أهل نجد، من الطبقة الأولى. وهذه الديار التي وصفها في شعره كلها ديار بني أسد.
قال لبيد بن ربيعة: أشعر الناس ذو القروح، يعني امرأ القيس.
وملك حجرٌ على بني أسد، فكان يأخذ منهم شيئاً معلوماً، فامتنعوا منه، فسار إليهم فأخذ سرواتهم فقتلهم بالعصى، فسموا عبيد العصا وأسر منهم طائفةً، فيهم عبيد بن الأبرص، فقام بين يدي الملك فقال:
يا عيْنِ ما فاَبْكي بَنِي = أَسَدٍ هُمُ أَهلُ النَّدَامَه
أَهْلَ القِبَابِ الحُمْرِ وال = نَّعَمِ المُؤَبَّلِ والمُدَامَهْ
مَهلاً أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلاً = إِنَّ فيما قُلْتَ آمهْ
في كُلّ وادٍ بَيْنَ يَثْ = رِبَ والقُصُورِ إلى اليمَامَهْ
تَطْرِيبُ عانٍ أَوْ صِيَا = حُ مُحَرَّقٍ وزُقَاءُ هامَهْ
أَنْتَ المَلِيك عليهمُ = وهُمُ العَبِدُ إلى القِيَامَهْ
فرحمهم الملك وعفا عنهم وردهم إلى بلادهم، حتى إذا كانوا على مسيرة يوم من تهامة، تكهن كاهنهم عوف بن ربيعة الأسدي، فقال: يا عباد قالوا: لبيك ربنا! فقال: والغلاب غير المغلب، في الإبل كأنها الربرب، لا يقلق رأسه الصخب، هذا دمعه يثعب وهو غداً أول من يسلب، قالوا: من هو ربنا؟ قال: لولا تجيش نفسٌ جايشه أنباتكم أنه حجر ضاحيه. فركبت بنو أسد كل صعبٍ وذلول، فما أشرق لهم الضحى حتى انتهوا إلى حجر، فوجدوه نائماً فذبحوه وشدوا على هجائنه فاستاقوها.
وكان امرؤ القيس طرده أبوه لما صنع في الشعر بفاطمة ما صنع، وكان له عاشقا، فطلبها زماناً فلم يصل إليها، وكان يطلب منها غرةً، حتى كان منها يوم الغدير بدارة جلجل ما كان
فقال:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبيب ومَنْزِلِ
فلما بلغ ذلك حجراً أباه دعا مولًى له يقال له ربيعة، فقال له: اقتل امرأ القيس وأتني بعينيه، فذبح جؤذراً فأتاه بعينيه، فندم حجر على ذلك، فقال: أبيت اللعن! إني لم أقتله، قال: فأتني به، فانطلق فإذا هو قد قال شعراً في رأس جبلٍ، وهو
قوله:
فلا تَتْرُكَنِّي يا رَبِيعَ لِهذِهِ = وكُنْتُ أَرانِي قبْلَها بِكَ واثِقاً
فرده إلى أبيه، فنهاه عن قول الشعر، ثم إنه قال:
أَلاَ انْعَمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الطَّلَلُ البَالي
فبلغ ذلك أباه فطرده، فبلغه مقتل أبيه وهو بدمون،
فقال:
تَطَاوَلَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا دَمُّونْ = دَمُّونُ إِنَّا مَعْشَرٌ يَمَانُونْ
وإِنَّنَا لِأَهْلِنَا مُحِبُّونْ
ثم قال: ضيعني صغيراً، وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم، ولا سكر غداً، اليوم خمرٌ، وغداً أمرٌ،
ثم قال:
خَلِيَلَّى ما في اليوم مَصْحًى لشارِبٍ = ولا في غَدٍ إِذْ كان ما كان مَشْرَبُ
ثم آلى لا يأكل لحماً ولا يشرب خمراً حتى يثأر بأبيه، فلما كان الليل لاح له برقٌ
فقال:
أَرقْتُ لبَرْق بلَيْل أَهَلّ = يُضىءُ سَنَاهُ بأَعْلَى الجَبَلْ
بقَتْل بَني أَسَدٍ رَبَّهُمْ = أَلاَ كُلُّ شَيءٍ سِوَاهُ جَلَلْ
¥