فللّه درّي يَوْمَ أَتْرُكُ طائعاً****بَنيّ بأَعْلى الرّقمَتَيْنِ وماليا (7)
ودَرُّ الظّباءِ السّانِحاتِ عَشِيّةً****يُخَبّرْنَ أني هالِكٌ مِن وَرَائِيا
وَدَرُّ كَبيرَيَّ اللّذين كِلاهُمَا****عَليّ شَفيقٌ ناصِحٌ قد نَهانِيا
وَدرُّ الهَوَى من حَيْثُ يدعو صِحَابَهُ****وَدَرُّ لَجاجاتي ودَرُّ انتِهائيا
تَذَكّرْتُ من يَبْكي عليّ فلمْ أَجِدْ****سِوَى السَيْفِ والرّمحِ الرُّدَينيّ باكيا (8)
وَأَشْقَرَ خِنْذِيذٍ يَجُرّ عِنَانَهُ****إلى الماء لم يتْرُكْ لَهُ الدهْرُ ساقيا (9)
وَلَمّا تَرَاءَتْ عِنْدَ مَرْوٍ مَنيّتي****وَحَلَّ بِهَا جِسْمي وَحَانَتْ وَفَاتِيا (10)
أَقُولُ لأصْحابي ارْفعوني لأنّني****يَقِرّ بِعَيْني أن سهَيلٌ بَدَا لِيا
فيا صاحبَي رحلي دنا المَوْتُ فَانزلا****بِرابِيَةٍ إنّي مُقِيمٌ لَياليِا (11)
أَقيما عليّ اليَوْمَ أو بَعْضَ ليلةٍ****ولا تُعْجِلاني قد تبيّنَ ما بِيا
وَقوما إذا ما استُلّ روحي فهيّئا****ليَ القبرَ والأكفانَ ثُمّ ابكيا ليا
وخُطّا بأطْرَافِ الأسِنّةِ مضجعي****ورُدّا على عَيْنَيَّ فضلَ ردائيا (12)
ولا تحسُداني باركَ اللَّهُ فيكما****من الأرْضِ ذَاتِ العَرضِ أن توسِعاليا
خُذَاني فجُرّاني بِبُردي إليكما****فقد كُنْتُ قبل اليوم صَعباً قياديا
يقولون لا تُبْعَدْ وهُم يدفِنونني****وأيْنَ مَكانُ البُعْدِ إلاّ مَكانِيا
ويا لَيْتَ شعري هل بَكَتْ أُمُّ مالكٍ****كما كُنْتُ لَوْ عَالَوا نَعِيَّكَ باكيا (13)
إذا مُتُّ فاعْتَادي القُبُورَ وسلّمي****على الرَّيمِ أُسقيتِ الغَمامَ الغَواديا
فيا راكِباً إمّا عَرَضتَ فبلّغَنْ****بني مالكٍ والرَّيْبِ أنْ لا تلاقِيا
وَبَلّغ أخي عِمران بُردي وَمِئزَري****وبلّغ عَجُوزي اليومَ أن لا تدانيا (14)
وَسَلّمْ على شيخيّ مِنيّ كِلَيْهِما****وبلِّغ كَثيراً وابْنَ عمّي وخَاليا
وعطِّل قَلوصي في الرِّكاب، فإنّها****ستُبرِدُ أكباداً وتُبكي بَواكِيا
أُقَلبُ طَرْفي فَوْقَ رَحْلي فلا أرَى****بِهِ من عُيُونِ المُؤْنِساتِ مُراعِيا (15)
وبالرَّملِ منّي نِسْوَةٌ لو شَهِدنَني****بَكَيْنَ وَفَدّيْنَ الطّبيبَ المُداويا
فمِنْهُنّ أُمّي وابْنتاها وخالتي****وباكِيَةٌ أُخرى تَهِيجُ البَواكِيا
وما كانَ عَهْدُ الرّمْل منّي وأهلِه****ذميماً ولا بالرّمْل ودّعْتُ قَاليا
ـــــــــــــــــــــ
(1) الحجارة الثلاثة التي توضع تحت القدر.
(2) الأمالي لأبي علي القالي ص 117
(3) العقد الفريد لابن عبد ربه (3/ 191).
(4) لم أذكر القصيدة كاملة وذلك لطولها لئلا يمل القارىء منها, ومن أرادها كاملة فليرجع إلى ذيل الأمالي للقالي (117 - 119) , وجمهرة أشعار العرب للقرشي (269 - 272) ببعض الاختلاف بينهما.
(5) أزجي: أقود, والقلاص النواجيا: النوق الفتية.
(6) غالت خراسان هامتي: قطعت رأسي, أي: مت بها.
(7) الرقمتان: موضع بين البصرة والنباج كان فيه منزل الشاعر.
(8) الرمح الرديني: أجود أنواع الرمح.
(9) أشقر خنذيذ: حصان أشقر كثير العرق كناية عن كثرة الركض.
(10) مرو: بلد من بلدان فارس, حلَّ: بَلِيَ وانحلَّ.
(11) رابية: مكان مرتفع.
(12) فضل ردائيا: الأطراف الزائدة عن ثوبي.
(13) أم مالك: هي أم الشاعر.
(14) العجوز: هي أمه أو امرأته.
(15) المؤنسات: من الأُنس عكس الوحشة.
ـ[أديب طيء]ــــــــ[28 - 08 - 2010, 09:52 م]ـ
-الطرماح بن الحكيم يرثي نفسه:
قال الطرماح يرثي نفسه: (1)
فيا رَبّ لا تَجعل وَفاتِيَ إن أتَتْ**** على شَرْجَعٍ يُعْلَى بخُضْر المَطَارفِ (2)
ولكنْ شهيداً ثاوياً في عِصابة****يُصابون في فَجٍّ من الأرْض خائفِ
إذا فارَقُوا دًنْياهُم فارَقُوا الأذىَ****وصارُوا إلى مَوْعُود ما في الصَّحَائفِ
فأقْتَلَ قَعْصاً ثم يُرْمى بأعْظُمِي**** مُفَرقةً أوصالُها في التَنَائفِ (3)
- هدبة بن الخشرم العذري يرثي نفسه: (4)
سُجن هدبة بن الخشرم بعدما قتل زيادة بن زيد العذري وذلك في عصر الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه, ورفض ابن زيادة (المسور) الدية, فقال هدبة وهو في سجنه يرثي نفسه:
(5)
طربتَ وأنت أحياناً طروبُ****فكيف وقد تعَلَّاك المشيبُ
يجدّد النأيُ ذكرَك في فؤادي****إذا ذَهِلَت عن النّأْي القلوبُ
يُؤَرقُني اكتئابُ أبي نُمَيْرٍ****فقلبي من كآبتِهِ كئيبُ
¥