تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ? (100) سورة التوبة، وإمساكهم نَفْيٌ للدعوى بأن لهم قولاً محفوظاً، وذلك في صورته عدمُ علم بأن لهم قولاً في مسألة سكتوا عنها، وهو يساوي (العلم بالعدم) بالاستقراء الحاصر في مثل مسألة القرآن؛ فمن قال: (إنما سكتوا لأن عِلْمهم محقَّق بان القرآن مخلوق جزماً)، أو قال: (إنما سكتوا لأن عِلْمهم محقَّق بأن القرآن غير مخلوق جزماً): فقد افترى عليهم بالدعوى المجرَّدة .. ومن قال: (لا ينسب لساكت قول) فقد أراحنا مِن نفسه؛ لأن الغرض نفيُ أن يكون لهم قول في هذه المسألة في أمر غيبي يتعلق بالرب سبحانه؛ فلما اختلف مَن بعد السلف وجدنا اختلافَهم مُحَرَّماً بإجماع السلف الأول، ولا يسعنا إلا سكوتهم .. ووجدنا أنه لم يحصل بعد اختلافهم إجماع .. وقد اتسعت دعوى الإجماع بالدعوى المجرَّدة، ولا يصح عن السلف الأول كلمة واحدة في هذا الموضوع، وكل ما روي إما نَقْلٌ غير ثابت وهو معلول متناً كالكذب على ابن عباس رضي الله عنهما بأنه فسَّر العوج في قوله تعالى:

?الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا? (1) سورة الكهف، بمعنى أنه غير مخلوق، وهذا معنى لا يوجد في لغة العرب ألبتة، وهو مخالف لتفسير الآية نفسها في قوله تعالى بعد الآية مباشرة {قَيِّمًا} (2) سورة الكهف، وكالدعوى على ابن المنكدر رحمه الله تعالى، وإنما الخبر عن سفيان رحمه الله وهو لم يدرك أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم .. وإما استدلال في غير محل النزاع، وإما استدلال بالمتشابه من القرآن .. والإمام أحمد رحمه الله نص على أنه لم يُحفظ للسلف رضي الله عنهم قول في ذلك، وكل هذا يأتي بيانه إن شاء الله مفصلاً فيما وعدتُ به من كتاب محرَّر .. ولا يترتب على الجزم بأي دعوى حكم شرعي، وإنما هو مُشاقَّة لسكوت السلف الأول، ومن جزم بإحدى الدعويين بعد الاختلاف فعمدته ميتافيزيقا علم الكلام المذموم في أمر غيبي يتعلق بالرب سبحانه، وعلمُ الكلام ليس سبيلاً لكشف الأمر المغيَّب، ومن جزم بأن القرآن مخلوق لزمه أن القرآن خالق؛ إذْ لا ثالثَ مرفوعٌ بين خالق ومخلوق إلا بالدعوى الكاذبة بأنه ليس كل محدث مخلوقاً، وجاءت هذه الشبهة من دعوى باطلة، وهي الزعم بأن الخلق الذي هو فعل الله محدث ولكنه غير مخلوق!! .. وهذه بدعة شنيعة؛ لأن فعل الله أوَّلٌ بلا بداية وآخر بلا نهاية؛ وإنما يحدث بفعلِ الله مفعولُه، ثم يتعيَّن حينئذ على هذه الدعوى الباطلة أن القرآن يَخلق غيره .. وجاءت هذه الشبهة من بدعة أخرى هي الثنائية بين الذات والصفات، وهذه الثنائية لا تصح في حق الله سبحانه؛ لأنه لم يحدث له صفة لم تكن له؛ فيقال: إنها مضافة إلى الذات .. وإنما الثنائية في حق المخلوق الذي يعلم بعد جهل، ويقرأ ويكتب بعد أمية، وينمو بعد ضعف؛ فهذا استجدت له صفات مضافة إلى نفسه، كما أن الذات بمعنى النفس ليست من كلام العرب؛ وإنما حدث ذلك عند المتكلمين، والذي في شرع الله قوله تعالى عن عيسى ابن مريم عليه السلام: ?وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ? (116) سورة المائدة، وأما مثل قولهم:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير