"قام أبرام في الليل وأشعل منزل الأصنام. أحرق كل ما كان يوجد فيه، ولم يره أحد. وقام (الآخرون) في الليل وحاولوا إنقاذ آلهتهم. وأسرع حران لنجدتهم فاشتعلت النار فيه فاحترق ومات في أور الكلدانيين. وترك تراخ أور الكلدانيين، هو وأبناؤه، وذهب قاصدا بلد لبنان وبلد كنعان. وأقام في بلد حران. وأقام أبرام مع تراخ أبيه في بلد حران تسعة أسابيع من السنوات." [25]
ورغم محاولة إخراج أبي إبراهيم معه في هذا النص إلا أن موضوع اعتداء إبراهيم على معبد قومه سواء بالإحراق كما ورد في هذا النص، أو بكسر الأصنام أو هدم المعبد كما ورد في نصوص أخرى، كان موضوعا أساسيا من مواضيع الاعتقاد الذي سجلته الآثار والكتب اليهودية، ولا يزال كثير من تفصيلاته في كتب قانونية، بدّلت فقط اسم إبراهيم بأسماء أخرى منها "جدعون"، واحتفظت بمضامين القصة كما هي، ومن ذلك قصة جدعون الذي طلب منه الإله أن يهدم مذبح البعل ويبني بيت الله:
Jdg 6:24 فَبَنَى جِدْعُونُ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَاهُ «يَهْوَهَ شَلُومَ». إِلَى هَذَا الْيَوْمِ لَمْ يَزَلْ فِي عَفْرَةِ الأَبِيعَزَرِيِّينَ.
Jdg 6:25 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: «خُذْ ثَوْرَ الْبَقَرِ الَّذِي لأَبِيكَ, وَثَوْراً ثَانِياً ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ, وَاهْدِمْ مَذْبَحَ الْبَعْلِ الَّذِي لأَبِيكَ وَاقْطَعِ السَّارِيَةَ الَّتِي عِنْدَهُ,
Jdg 6:26 وَابْنِ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلَهِكَ عَلَى رَأْسِ هَذَا الْحِصْنِ بِتَرْتِيبٍ, وَخُذِ الثَّوْرَ الثَّانِيَ وَأَصْعِدْ مُحْرَقَةً عَلَى حَطَبِ السَّارِيَةِ الَّتِي تَقْطَعُهَا.
Jdg 6:27 فَأَخَذَ جِدْعُونُ عَشَرَةَ رِجَالٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَعَمِلَ كَمَا كَلَّمَهُ الرَّبُّ. وَإِذْ كَانَ يَخَافُ مِنْ بَيْتِ أَبِيهِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ نَهَاراً فَعَمِلَهُ لَيْلاً.
Jdg 6:28 فَبَكَّرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي الْغَدِ وَإِذَا بِمَذْبَحِ الْبَعْلِ قَدْ هُدِمَ وَالسَّارِيَةُ الَّتِي عِنْدَهُ قَدْ قُطِعَتْ, وَالثَّوْرُ الثَّانِي قَدْ أُصْعِدَ عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي بُنِيَ.
Jdg 6:29 فَقَالُوا الْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ: «مَنْ عَمِلَ هَذَا الأَمْرَ؟» فَسَأَلُوا وَبَحَثُوا فَقَالُوا: «إِنَّ جِدْعُونَ بْنَ يُوآشَ قَدْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ».
Jdg 6:30 فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِيُوآشَ: «أَخْرِجِ ابْنَكَ لِنَقْتُلَهُ, لأَنَّهُ هَدَمَ مَذْبَحَ الْبَعْلِ وَقَطَعَ السَّارِيَةَ الَّتِي عِنْدَهُ».
Jdg 6:31 فَقَالَ يُوآشُ لِجَمِيعِ الْقَائِمِينَ عَلَيْهِ: «أَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ لِلْبَعْلِ, أَمْ أَنْتُمْ تُخَلِّصُونَهُ؟ مَنْ يُقَاتِلْ لَهُ يُقْتَلْ فِي هَذَا الصَّبَاحِ. إِنْ كَانَ إِلَهاً فَلْيُقَاتِلْ لِنَفْسِهِ لأَنَّ مَذْبَحَهُ قَدْ هُدِمَ».
Jdg 6:32 فَدَعَاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ «يَرُبَّعْلَ» قَائِلاً: «لِيُقَاتِلْهُ الْبَعْلُ لأَنَّهُ قَدْ هَدَمَ مَذْبَحَهُ».
لم تتحدث لنا القصة عما فعله قوم جدعون بهذا الفتى الذي هدم معبدهم مع أنهم كانوا يبحثون عنه ليقتلوه؛ وإنما طلبوا من أبيه أن يقدمه لهم ليقتلوه، فبدا أبوه موحدا (رغم أنه صاحب المعبد المهدوم) يدافع عنه ويحج قومه بكونهم يدافعون عن البعل والمفروض أن يدافع البعل عن نفسه؛ لقد أخرجت القصة من سياقها الإبراهيمي لتدخل في سياق قصة يهودية لا علاقة لها بها.
لكننا إذا رجعنا إلى كتاب الآثار التوراتية، سنجد موضوع إحراق إبراهيم بارزا؛ ففي معرض الحديث عن بناء البرج بالحجارة المشوية المكتوب عليها أسماء أصحابها؛ حيث "أخذ كلّ حجره، باستثناء اثني عشر رجلا رفضوا أخذ الحجارة. وتلك هي أسماؤهم: أبرام وناشور ولوث وتنوت وزابا وأرموداث ويوباب وإيسار وأبيماحل وسابا وأوسين. وأمسك بهم شعب الأرض وقادهم ليمثلوا أمام رؤسائه وقال لهم: "إنهم الرجال الذين خرقوا قراراتنا، والذين لا يريدون السير في طرقنا." فقال لهم الرؤساء: "لماذا لم تريدوا أن يضع كل منكم حجارتكم مع شعب الأرض؟ " فأجابه هؤلاء قائلين: "لن نضع حجارتنا معكم ولن نضم إرادتنا على إرادتكم. فنحن لا نعرف سوى إله واحد، وهو الذي نعبده. وحتى لو وضعتمونا في النار مع حجارتكم فلن
¥