تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - الحديث النبوي من خلال صحيح البخاري:

لم تنل هذه المرحلة من مراحل حياة النبي إبراهيم في صحيح البخاري إلا نسبة تقارب نسبتها في الأسفار الكتابية القانونية؛ فبينما لم تتجاوز مرحلة ما قبل هجرة إبراهيم لأبيه وقومه 2 في المائة في أسفار العهد القديم، كانت نسبة هذه المرحلة نفسها 4 % في صحيح البخاري؛ من خلال أربعة أحاديث رُوي أولها عن أبي هريرة ثلاث مرات، في شأن سؤال إبراهيم ربه: أرني كيف تحيي الموتى؟ قال رافعا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم"، ويمثل هذا الحديث برواياته الثلاث نسبة 1،8 بالمائة من مجموع الحديث عن إبراهيم في صحيح البخاري. وثاني هذه الأحاديث عن أبي هريرة أيضا، في روايتين تمثلان معا نسبة 1،16 في المائة؛ تتحدث عن أبي إبراهيم، إذ يسأل إبراهيم ربه عن كيف يجمع بين وعده إياه بألا يخزيه، مع تعذيبه أباه شر العذاب. وأما الحديث الثالث فقد جاء في رواية واحدة عن ابن عباس في الحديث عن إبراهيم لما ألقي في النار، إذ قال عنه أنه قال: حسبي الله ونعم الوكيل بنسبة 0،67 %، والحديث الرابع يتحدث عن الوزغ الذي ينبغي قتله، لأن كل المخلوقات كانت تنفخ على نار إبراهيم من أجل إطفائها إلا الوزغ كان ينفخ على النار من أجل إذكائها، ولذلك حكم عليه بالإعدام الأبدي؛ وهذه الرواية لا تمثل إلا 0،35 في المائة.

والملاحظ أن هذه الروايات جميعا لا تنسجم مع التلاوة القرآنية الجديدة، لا من حيث الحجم، إذ يمثل الكلام عن هذه المرحلة من حياة إبراهيم في القرآن نسبة أربعين في المائة، تعيد الاعتبار لموضوعي التوحيد البعث والنبوة والرسالة والدين؛ بينما تتحدث هذه الأحاديث مع نسبتها القليلة، عن أشياء أخرى؛ يتحدث أولها عن شك إبراهيم عندما سأل ربه إحياء الموتى، بينما يتحدث القرآن الكريم من خلال سؤال إبراهيم ربه عن كيفية إحياء الموتى عن يقين إبراهيم واطمئنانه، "بلى ولكن ليطمئن قلبي"، ويتحدث الحديث الثاني عن تناقض وعد القرآن مع واقع الحال عندما أخزى الله إبراهيم بتعذيب أبيه، حيث يقول:

عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ثُمَّ يُقَالُ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ [31]

وكأن هذا الحديث يدافع عن الفكرة العنصرية اليهودية التي أدت إلى كتمان موضوع التوحيد والشرك في قصة إبراهيم الواردة في الكتب المقدسة، لكونه يتنافى مع فكرة شعب الله المختار والنسل المبارك وأرض الميعاد التي جعلت للآباء والأجداد أهمية أساسية، ولذلك رفض الكتبة ضم كل ما فيه اتهام لأبي إبراهيم وعشيرته بالشرك والكفر واستحقاق العقاب، وأوردوا خلافا لذلك أخبارا تجعل منه المهاجر الأول مع ابنه إبراهيم وزوجته وابن أخيه لوط إلى حران حيث توفي هنالك. وقد توجه هذا الحديث مباشرة إلى مهاجمة القرآن الكريم، لما اعتبره تناقضا بين وعد الله في القرآن الكريم (ولا تخزني يوم يبعثون) وبين واقع الحال يوم القيامة، حيث يقول لربه: أي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ وأورد عليه شاهدا ملموسا يتمثل في إلقاء أبيه بين رجليه فإذا هو بذيخ ملتطخ يؤخذ بقوائمه فيلقى في النار أمام عينيه، فكان الجواب زيادة في الخزي.

وأما الحديث الثالث الذي تحدث عن قصة إحراق إبراهيم فلم يكن همه إلا بيان حكم الوزغ الذي ينبغي أن يقتل لأنه كان ينفخ على نار إبراهيم من أجل أن تستعر؛ والواضح أن هذا الحديث كذلك ينسجم مع التفكير الأسطوري الإسرائيلي الذي يربط بين أحداث التاريخ وأحكام الشرع، حيث يحكم على كل وزغة بالقتل لأن إحدى جداتها البعيدة في زمن إبراهيم نفخت على ناره من أجل أن تستعر؟؟؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير