ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[25 Nov 2010, 02:13 م]ـ
مبدأ عدم التناقض هو اساس الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. ونحن نوافق الكاتب في هذه المسألة.
اللازمة التي يكررها البعض فيقولون: "القرآن كتاب هداية وليس بكتاب علم"، هي مقولة عجيبة، لأنه لا هداية دون ثبوت ربانية المصدر. ثم من قال إن العلم بصدق النبوة ليس من أبواب الهداية. ثم من قال إن البراهين يجب أن تحصر في برهان واحد. وأهل علم الرياضيات يدركون أن الحقيقة الرياضية يمكن أن يكون لها أكثر من إثبات رياضي.
إذا كان الذي خلق هو الذي أنزل فلا بد أن يكون كلامه مطابقاً للواقع، ومن هنا لا بد من التوافق مع الحقائق العلمية، وذلك لأن القرآن الكريم أطال في الحديث عن الكون والمخلوقات.
من أين للكاتب وغيره القول إن الإعجاز يقتضي التحدي، ثم من قال إن التكذيب في كل عصر وعدم الإيمان بالإسلام لا يجعله في حالة تحدٍ مستمر إلى يوم القيامة. ثم ألم يواجه الكاتب بمن يطلب منه الدليل على صدق الإسلام؟!
أي منطق هذا الذي يرد الإعجاز العلمي لأن القول به يعني أنه بقي عصوراً معطلاً؟! وكلامه هذا يعني أن أي قول جديد في تفسير القرآن الكريم دليل على تعطيل المعاني لزمن طال في عصرنا، أو قصر في عصر الطبري أو ابن عباس رضي الله عنه!!
نقول بالمنطق نفسه: إن من رأى معجزات موسى عليه السلام قبل الخروج من مصر ولم ير تلك التي بعد الخروج فقد عطل في حقه بعض المعجزات. أي منطق هذا؟!
لا علاقة للوهن الحضاري بما يقوله الكاتب، بل تعاظم القول بالإعجاز العلمي بعد أن عادت الثقة بالذات الحضارية وانتشر العلم والوعي بين المسلمين. ويبدو أن الكاتب لا يدرك أن العلم ومنجزاته هو ملك البشر كل البشر ولا يمكن رده إلى أمة بعينها أو حضارة بخصوصها، لأن العلم غير الثقافة؛ فالعلم عام والثقافة خاصة.
بدهي أن يلتقط الفيزيائي الإشارات الفيزيائية في القرآن الكريم، وعالم الأحياء الإشارات المنتمية ... ألخ. وهذا لا يعني أننا قلنا ما قلناه بعد أن أكتشف غيرنا هذه العلوم، بل لأننا بتنا نحيط بهذه الحقائق كغيرنا من البشر. ولا يمكن لأحد أن يكتشف الإعجاز العلمي في القرآن الكريم حتى يحيط علما بما ورد في العلم وما ورد في القرآن الكريم معاً، أما من ألم بواحدٍ منها فأنى له أن يدري.
ثم كيف لمن لا يعلم حقائق العلم أن يزعم أن إخبار القرآن الكريم في مسألة ما هو من باب الإعجاز؟! من هنا ندرك لماذا لم يقل القدماء بالإعجاز العلمي، أي لأنهم كانوا يؤمنون بالخبر القرآني من غير أن تكون لديهم القدرة على إثبات ذلك من طريق العلم.
وأخيراً: ليت الكاتب وأمثاله يجعلون جهدهم في تفنيد المقولات المتكلفة والمتهافتة، والتي هي أغلب ما يكتب اليوم في الإعجاز العلمي.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Nov 2010, 08:08 م]ـ
"- الإشكال الرابع: الخلط بين طبيعة النص القرآني ووظيفته، وبين طبيعة العلم ووظيفته، فالنص القرآني كما وصفه الله كتاب هداية وتربية وأحكام، وكل ما احتواه القرآن أو دل القرآن على أنه مشتمل عليه فإنما يفهم ذلك في ضوء طبيعة النص والهدف الذي سيقت الآيات من أجله، فمحور الهداية هو الحاكم على موضوعات القرآن، وما جاء فيه من متعلقات العلوم الأخرى كالتاريخ والطبيعة وغير ذلك فإنما سياقها يدل على توظيفها في مسلك الهداية الذي هو المحدد الأساسي لرسالة القرآن وموضوعاته."
ليس هنا إشكال ولا خلط، وما أودع في القرآن من أوجه الإعجاز ومنه الإعجاز العلمي إنما هو جزء من هدايته.
ثم أين الفرق بين طبيعة النص ووظيفته حسب قول الكاتب:
"- الإشكال الرابع: الخلط بين طبيعة النص القرآني ووظيفته، وبين طبيعة العلم ووظيفته، فالنص القرآني كما وصفه الله كتاب هداية وتربية وأحكام"؟
أعتقد أننا أحيانا نكتب دون أن نفكر مليا فيما نكتب أو نراجع ما نكتب.
-"الإشكال الخامس: اللغة القرآنية ولغة العلم، فالقرآن نزل بلغة عربية مستخدمة في عصر نزوله، ولا يستقيم فهمه إلا في ضوء تلك اللغة والخصوصية القرآنية لاستعمالها، أما لغة العلم التجريبي فهي طارئة ولاحقة، وغالباً ما تكون مترجمة، وترتبط بمعطيات عصرها التي اقتضت التسمية، وهي تسمية اصطلاحية لا تستلزم بالضرورة الصلة بجذر الكلمة وأصل معناها اللغوي، فإيجاد علاقة بين العلم المكتشف بعد عصر النزول وبين لغة القرآن التي ترجع إلى عصر النزول، يتم بإحدى وسيلتين، إما اعتبار التشابه اللفظي وأخذ المسميات القرآنية على أنها نفسها المسميات العلمية، وفي هذه الطريقة تقوُّل على القرآن، لا يصح منطلقه حتى على النصوص التاريخية غير القرآن، أما الوسيلة الثانية فهي اعتبار المسميات بغض النظر عن التسمية، وهي أيضاً إسقاط لأن المسمى في عصر النزول لم يكن هو المسمى العلمي في العصر الحديث، فلا يستقيم ذلك، ومن تبعات هذا الخلل اعتبار المسميات القرآنية للأمور الطبيعية مذكورة لخصائص فيها، بينما يرجع ذكرها في القرآن لإلفها وتداولها في عصر النزول، فما ذكر مثلاً من أسماء الطعام أو الشراب أو غير ذلك من عناصر الطبيعة إنما وردت لاستعمالها من قبل العرب في ذلك العصر، ولو استعمل العرب غيرها ربما ورد ذكر غيرها، وليس هذا فحسب بل إن صور النعيم في الجنة والعذاب في الآخرة ترتبط في جزء منها بما يعهده العرب في عصر النزول من أنماط النعيم وخياله، لذلك وردت مؤشرات قرآنية على كون كل ذلك إنما هو نماذج من النعيم أو العذاب، وعليه فمقاربة العلم قرآنياً تصدم بلغة النص السابق عليه والذي له مدلولاته الخاصة، ولعل أهم مطعن في دعاوى الإعجاز العلمي هو جهل الباحثين بلغة القرآن ولغة عصر النزول واستعمالات اللغة، وإذا كان هذا الشأن بالنسبة للغة القرآن الموحاة، فالإشكال أعمق فيما يخص السنة النبوية المروية بالمعنى."
اعتقد أن هذا إشكال مفتعل والعبرة في مسألة الإعجاز العلمي ليس في اللغة وإنما في النتائج التي يتوصل إليها العلم وتتفق مع أخبر به القرآن.
والقول إن الباحثين في الإعجاز العلمي يجهلون لغة القرآن وعصر التنزيل دعوى يقابلها جهل المعارضين بلغة العلوم وقوانينها، وعليه فليس قول أحد الفريقين مقدم على الآخر، فليبحث عن غيرها.