?وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً? [الكهف 27].
?وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى? [طه: 126].
?وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ? [النمل:83 - 85].
?وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ. قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ? [الزمر:71 - 72].
كِتابٌ بِهذِه العَظَمة وهَذه الرِّفِعة؛ وهذه الخُطُورة، مِن شأنِه أن تُصرَف لَه الأَعمَار، وتُفرَّغَ لَه الأَوقات، وتُبذَل دُونَه الأنفُسُ والأَموال، وتُعقَد لَه المَجالِس، ويوصَل نُورُه إلى الآفاق؛ كَما كانَ ديدَن الرَّعيل الأوَّل مِن المُهاجِرين والأنصَار حَول الرَّسُول القُدوَة؛ مُعلِّم البَشريَّة؛ ومنقِذ البريَّة؛ عَليه الصلاة والسلام.
?لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ? [آل عمران: 164].
?تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً? [الفرقان: 1].
لقَد كانَ القُرآن الكَريم همَّ الرَّسُول ? المقيمَ المُقعِد؛ سَخَّر لَه حَياتَه، ووَهب له عُمره وأوقاتَِه ... يتهجَّد بِه ساعاتٍ طَويلةً في جَوفِ اللَّيل؛ ويُبلِّغُه للقاصِي والدَّاني في بَحر النَّهار؛ مثنى وفُرادى وجَماعات؛ بصَبر وجَلد وثبات. ويَجلِس لتَعليمِه في حَلقات ذِكر مُنتَظَمةٍ بالغَداة والعَشِي؛ فهَدى اللَّه على يَديه أناسيّ كثيرا، فنَصرَه الله نَصرا عزيزا، وفَتح عليه فتحا مبينا، وأراه أناسا يَدخُلون في دِين الله أفواجا! وأصبَحت "يثرِب" "مدينة مُنوَّرة" بالنُّور الرَّبَّاني؛ تُشَدُّ إليهَا الرِّحال؛ بَعد أن كانَت حيا بسيطا مِن أحياءِ العَرب لا شأن لَها كبيرٌ بينَ قبائل جَزيرة العرب.
?مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً? [الفتح: 29].
والآن؛ وقَد خَفُتَ هذا النُّور الإِلهي الوَضَّاء مِن القُلوب، واندَرسَت مَعالِمُه مِن الأفئِدة (إلا من رَحمَ ربِّي)، وضُربَت على "المُسلٍمين" الذِّلَّة والمَسكَنة؛ وانتَشرت في أوسَاطِهم المَعاصي والمُوبِقات، واستَفحلت الشُّرور والمُنكَرات ... أمَا آنَ لَنا أن نَعُودَ إلى ما كانَ عَليه الرَّسُول ? وصَحبِه الكِرام؟! أَما ظَهر لَنا جليَّا بُعدُ الشُّقَّة بينَنا وبينَهُم؟! أما اشتاقَت نُفُوسُنا لتفيُّؤِ ظِلال تِلك الحَياة الكَريمة المِثاليَّة؟! أما حانَ الوَقت لنَعمَل لنَصر قَريب على أعداء الله في كلِّ مَسلَك وسَبيل؛ كذَاك الذي نُصِرَه الحبيب المُصطَفى؟!
ولَكِن هَل مِن خُطوَة أُولى في الطَّريق؟!
¥