والجَواب أنَّ أبسَط شَيء خَفيف المُؤنَة نستَهلُّ بِه مِشوارَ هَذا المَشرُوع العَظيم؛ أن نَسعَى جدِّيا بكلِّ ما أوتينَا مِن قُوَّة لأن نُحيي حَلقَات الذِّكر والقُرآن بالبُكرة والأَصيل في بيوت الله؛ امتثالا للأَمر الإلَهي المبيّن في سُورة النُّور:
?فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ. لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ? [النور: 36 - 38].
فكَيف ننتَظر أن يرفع الله بيوته، وكيفَ ننشُدُ تَكوينَ رِجال مِن طراز عَهدِ النُّبوَّة، ومَساجِدُنا في هذه الأوقات المُباركَة مُوصَدة؛ لا تُفتَح إلاَّ في مَواعيد الصَّلوات المَكتُوبة؟!
وهَل بَقيَ لنا بَعد قَوله تعالى " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسبِّح لَهُ فيها بالغدو والآصال رجال" عذر نلقى به ربّنا؟! والحال أنّ القرآن قولٌ فصلٌ وما هو بالهزل ..
فهذا الرَّسُول ? على مَكانَته وشَرفِه، وعُلوِّ كَعبِه في ذِكر الله تعالى؛ أمَره الله سُبحَانَه وتعالى بالمُداوَمة على ذِكرِه وتسبيحِه؛ بُكرة وأصيلا! قبل طُلوع الشَّمس وقَبل غُروبِها؛ لأنّ المداومة على هذا التسبيح بالبكرة والأصيل، هي الكَفيلَة بتثبيتِه وتَصبيرِه على هُمومِ الدَّعوة، ورِضَاهُ بِما قدّر الله لَه!
مشايخنا المسؤولين: لنتدبّر هذه الآيات البيِّنات ..
?فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ? [غافر: 55].
?وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى? [طه:130].
?وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ? [ق: 38 - 39].
?وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً? [الإنسان: 26]
بل وأكثَر مِن هذا .. فإنَّ الله سبحانه وتعالى حكم بالغفلة على من يهجر الذكر والتَّسبيح في هذه الأَوقات المُبارَكة؛ لأنّ الغَفلة تَأخُذُ بِمجامِع القَلب؛ فيصير صاحبه بِعيدا عَن مَنهَج ربِّه!
?وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ? [الأعراف: 205].
الخِطاب لِمن يا تُرى؟! لرسول الله الأسوة الحسنة؛ فكيفَ بِمن دُونَه؟!
? لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً?الأحزاب21
هذه الغَفلة التي قرَّر الخالِق العَظيم أنَّها مُستَحكِمة في قُلوب أكثر الناسِ!
?اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ? [الأنبياء:1ـ 3].
?وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ? يونس92
?وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ? الأعراف179
فما دام الأمر كذلك .. لا مناص من اتّباع منهج الرسول ? في التسبيح بالبكرة والأصيل.
وفي سُورَة الفَتح نَجِدُ أنَّ تَسبيح الله تعالى بالبُكرَة والأصيل مِن أبرَز وأهمِّ ما أُرسِل الرَّسُول ? مِن أجلِه ..
¥