تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ? [الأنعام 52 - 53].

وإذا نَظرنا إلى مَوضُوع "مدارسة القرآن بالبُكرَة والأصيل" مِن زاوِية العَقل والمَنطِق السَّوي؛ لأدركنا بالفعل أنْ لا غِنى لإنسان ذَاكر يبتغي رِضاء ربِّه عَن هذه الأوقات!

فمَتى يَتبتَّل الإنسان ويَنقَطع لذِكر ربِّه؛ وتعلُّم قَوانينِ الوَحي المُتعيِّن عَليه تعلُّمَها وهذا القُرآن بَحر لا سَاحِل لَه يَحتَاج إلى أوقات وأوقات؟!

أفي عزِّ النَّهار؟ كلا! فالوَقت وَقتُ معاش وكَدح وسعي في الأَرض ابتِغاء فَضل الله!

?وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً? [النبأ: 11]. ?إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً? [المزّمِّل: 7].

أم في الظَّهيرة؟ كلا! فالظَّهيرة للقَيلُولَة والرَّاحة بَعد عَناء يوم طَويل!

?وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ? [النور: 58].

أم بينَ المَغرب والعِشاء؟ أيضا كلاَّ: لأنَّ الوَقت أوَّل أوقَات اللَّيل؛ وطاقَة الاستيعاب والتَّركيز للإنسان ضَعيفة؛ والنَّوم قَد بدَأ يُغازِل الأَجفان؛ والبُطُون تَشكُو الجُوع بَعد نَهار طَويل مُجهِد؛ فلا يُمكِن التَّعويل على هَذا الوَقت.

وقَد ثبَت في سيرة الرَّسُول ? أنَّه كانَ يزُور أرحَامَه، ويُلاقي بَعض إخوانِه في مِثلِ هَذا الوَقت؛ وكانَ في أحيان أُخرى يَتعشَّى مَع أهلِه ويُحادِثُهم ويُؤانِسهم.

بل وثبت عنه ? أنّه كانَ يَنهى عَن الحديث بَعد العِشاء؛ حتَّى يأوي النَّاس إلى مضاجِعِهم باكِرا؛ استِعدادا لُمنجاة الخَالق في ثُلث اللَّيل الآخِر!

بقيَت فَترة "قيام الليل" فهي التوقيت الأنسب لنُزولِ القُرآن في القَلب، وتلقي القَول الثَّقيل استِعدادا لليَوم الثَّقيل؛ لأنّ طابِع الخُشوع والضَّراعَة غالب عَليها؛ إضَافَة إلى أنَّها فَترة خُلوَة بين المَرء وخالِقِه.

وعليه .. فتعيَّن أنَّ خِدمَة القُرآن مِن كافَّة وُجوهِه والمَشيَ بِه في النَّاس، والإِنذَارَ بِه، والمُصابَرةَ على تعلُّمِه وتَعليمِه تَحتَاج إلى أوقات مخصوصة؛ فلَم يبقَ إذَن إلا وَقتُ البُكرَة والعَشي!

فإذا ما ابتغينا من ربّنا أن يغدق علينا بالرَّحمات، ورجوناه أن يخرجنا من الظُلُمات؛ فَما عَلينا إلا أن نُصابِر على ذِكرِه ذكرا كثيرا بكرةً وأصيلا؛ بدراسة آياته البيّنات.

?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (44) ? الأَحزاب.

ختامًا .. مشايخنا الأَجلاَّء؛ يَا مِن أكرَمهم اللَّه بِوِفادَة عِباد الرَّحمن في بُيُوتِه التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ..

هذه رسالة الله من السماء إلى أهل الأرض! وهذا هو الحقّ الذي لا ريب فيه! والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل .. أنزل الكتاب بالحقّ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .. فإن كنّا حقّا نؤمن بالله ربّا .. وبالقرآن إمامًا .. وبسيّدنا محمّد ? نبيئا ورسولا .. فعلينا أن نرفع بيوت الله بالذكر والتسبيح بكرةً وأصيلا .. وألاّ نقتصر على عمارته عند الصلوات الخمس المفروضة فحسب؛ هذه هي رسالة المسجد التي يريدها الله من عباده الذين استخلفهم فيها. وإنّا لنخشى أن تضيع الأمانة في أيدينا إن سكتنا عن تبيين هذا الحقّ للناس ..

?وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ? آل عمران187

?إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ? البقرة159ـ160

والسَلام عَليكُم جَميعا ورحمة الله وبركاته

وآخر دَعوانا أن الحَمد لله ربِّ العَالمين.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Nov 2010, 05:52 م]ـ

بارك الله فيكم ونفع بكم.

الصواب (مشايخ) بالياء لا بالهمز. ولذا قيل: لا تهمز المشايخ.

ـ[نسيم بسالم]ــــــــ[26 Nov 2010, 06:48 م]ـ

وفيك بارَك الله أُستاذَنا وشُكرا على المُلاحَظة

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير