تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فعن زيد بن أبي حبيب عن رجل من جند مصر قال: قدمنا مع عقبة بن نافع وهو أول الناس اختطها وقطعها للناس مساكن ودورا وبنى مسجدها فأقمنا معه حتى عزل وهو خير وال وخير أمير ثم عزل معاوية في هذه السنة أعني سنة خمسين. ([3] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn3))

وقال زياد بن العجلان أن أهل أفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ما وجدت ([4] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn4)).

ثم عُزل عقبة بن نافع من قبل أبي المهاجر، و لما وليَ يزيد بن معاوية؛ رد عقبة بن نافع على عمله، فغزا السوس الأدنى وهو خلف طنجة، وجوّل فيما هناك لا يعرض له أحد ولا يقاتله، فانصرف.

ومات يزيد بن معاوية وبويع لابنه معاوية بن يزيد، وهو أبو ليلى فنادى: الصلاة جامعة، ثم تبرأ من الخلافة وجلس في بيته، ومات بعد شهرين. ثم كانت ولاية مروان بن الحكم وفتنة ابن الزبير-رضي الله عنهما-، ثم وُلي عبد الملك بن مروان فاستقام له الناس، فاستعمل أخاه عبد العزيز على مصر، فولى إفريقية زهير بن قيس البلوى، ففتح تونس ثم انصرف إلى برقة، فبلغه أن جماعة من الروم خرجوا من مراكب لهم فعاثوا، فتوجه إليهم في جريدة خيل فلقيهم فاستشهد ومن معه، ثم ولى حسان بن النعمان الغساني، فغزا ملكة البربر الكاهنة (والتي كانت تعد الوحيدة في تهديد الكيان الإسلامي في إفريقيا) فهزمته، ثم إن حسان غزاها ثانية فقتلها وسبى سبيا من البربر، وبعث به إلى عبد العزيز ([5] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn5)).

وأقام حسان بعد قتل الكاهنة لا يغزو أحداً ولا ينازعه أحد ثم عزله عبد العزيز بن مروان الوالي على مصر وكان الوالي على مصر يولي على أفريقية، فعزل حساناً وأمره بالقدوم عليه. وولى موسى بن نصير، وذكر ابن قطان أنَّ عزلَ حسان وولاية موسى بن نصير كان من قبل عبد العزيز بن مروان دون أمر أخيه عبد الملك ولا مشورته ([6] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn6)).

وأُمِّر موسى بن نصير على أفريقية سنة تسع وسبعين (79ه) فعزل أبا صالح وافتتح عامة المغرب وواتر فتوحه، ثم توفي عبد الملك بن مروان وكانت وفاته كما حدّث به يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة (86ه) واستخلف الوليد بن عبد الملك فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى بن النصير فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به ([7] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn7)).

وتحت هذه التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة كان بالطبع؛ الفتح الإسلامي هو المنبع المشع بالحياة العلمية والذي قامت عليه الفتوحات من إخراج الناس من ظلمة الجهل إلى نور الإيمان، ومن رجس الأوثان إلى توحيد رب الأكوان.

و قد نالت القيروان الفضل في نشر علوم الشريعة، وتأسيس ركائز الفقه والتفسير والحديث .. كما أن القيروان اكتسبت نوعاً من الاحترام والتعظيم باعتبارها البلد الذي أسسه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهر بها على أيديهم كثير من الكرامات، واستقر بها بعضهم مدة من الزمن، وهي آخر ما دخله الصحابة من بلاد المغرب، كل هذه الأمور هيأت القيروان لدور الريادة العلمية في إفريقية والمغرب حتى وصفها أبو إسحاق الجبنياني بقوله: "القيروان رأس وما سواها جسد، وما قام برَدِ الشبه والبدع إلا أهلها ولا قاتل ولا قُتل على إحياء السنة إلا أئمتها"اه، وقد لهج المؤلفون القدامى بفضل القيروان على سائر بلاد المغرب في المجال العلمي من ذلك ما وصفها به ماقديشي بأنها: "منبع الولاية والعلوم، فهي لأهل المغرب أصل كل خير، والبلاد كلها عيال عليها، فما من غصن من البلاد المغربية إلا منها علا، ولا فرع في جميع نواحيها إلا عليها ابتنى، كيف لا ومنها خرجت علوم المذهب وإلى أئمتها كل علم ينسب، ولا ينكر هذا خاص ولا عام، ولا يزاحمها في هذا الفضل أحد على طول الأمد والأيام"اه، وهكذا أصبحت القيروان دار العلم الإفريقية وبرز فيها كبار المحدثين والفقهاء والقراء ورحل إليها أهل المغرب والأندلس لطلب العلم، وقد نافح أهلها عن مذاهب السلف فصارت دار السنة والجماعة بالمغرب، لقد قامت القيروان بدور كبير في فتح شمال إفريقية كله والأندلس ونشر الإسلام في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير