المغرب وأصبحت من أهم مراكز الحضارة الإسلامية ([8] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn8)).
وما كان أيضاً من موسى بن نصير في غزواته حيث كان معه جيشٌ كثيفٌ جلهم من البربر، وجعل معهم من يعلمهم القرآن والفرائض ([9] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn9)). وقيل ترك سبعة عشر رجلاً من العرب يعلمونهم القرآن وشرائع الإسلام ([10] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn10)).
وقد روي عن غياث بن شبيب أنه قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان فيسلم علينا ونحن في الكُتّاب وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه. ([11] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn11))
ويمكن أن نلخص هذه الفترة بأن جلها كانت فتوحات مع تأسيس لبنة لطلبة العلم في تلك المنطقة، ويلاحظ عدم اشتهار أي بدعة فيها بل عرفت بتتبع الآثار والسنة على عقيدة صحيحة خالية من فلسفات المتفلسفين ومباحث المتكلمين.
و بعد استقرار الفتح وانتهائه شهدت منطقة غرب إفريقية تقلبات سياسية واجتماعية وقبائلية ونزعات قومية وفتنا خارجية كانت لها الأثر في الحياة العلمية.
نلخصها فيما يلي ونركز على جانب الحياة العلمية:
أولا: عصر الولاة (96 - 184ه/715 - 800م) وقيام دولة الأدارسة الأولى في المغرب الأقصى:
وشهد دخول المغرب في هذه الفترة فرقتان:
الأولى: الإباضية وتنسب إلى عبد الله بن إباض المري، وأول من أدخلها إلى القيروان سلمة بن سعد الحضرمي ([12] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn12)). وعنه فشت في قبائل المغرب.
الثانية: الصفرية وتنسب على الأرجح إلى زياد بن الأصفر، ثم تولى زعامة الصفرية بالمغرب ميسرة المطغري.
وشهدت هذه الفترة بهؤلاء اضطرابات وثورات، حيث تضافرت جهود الإباضية والصفرية للإحاطة بخلافة قيروان وتم لهم ذلك حيث تمكن الخوارج من الاستيلاء عليها مرتين؛ في سنة (140ه) استولت عليها الصفرية مدة سنة وشهرين وقتلوا كل من كان فيه من قريش؛ ثم وليها بعدهم الإباضية لمدة سنتين ([13] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn13)). حتى تم القضاء عليها في عهد يزيد بن حاتم سنة (156ه).
وتسببت هذه الاضطرابات في شل الحركة العلمية، بانشغالهم في تلك الفتن، لكن حافظ على مسار الحياة العلمية فئة من طلابه الأوفياء للعلم؛ فبرع منهم جميل بن كريب المعافري (ت139ه) وزيد بن الطفيل الذي كان يرأس حلقة عظيمة بجامع عُقبة، وعبد الله بن فروخ (115 - 176ه) الذي رحل إلى المشرق فلقي جماعة من العلماء والمحدثين كزكريا بن أبي زائدة وهشام بن حسان وعبد الملك بن جريج، والأعمش والثوري ومالك بن أنس (وهم من أعلام المفسرين)، وأبي حنيفة وغيرهم. فسمع منهم وتفقه بهم. قال أبو بكر: وكان اعتماده في الحديث والفقه على مالك بن أنس، وبصحبته اشتهر، وبه تفقه، لكنه كان يميل إلى النظر والاستدلال، فربما مال إلى قول أهل العراق فيما تبين له منه الصواب. ثم انصرف إلى أفريقية فأقام بالقيروان يعلم الناس العلم ويحدثهم فانتفع به خلق ([14] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn14))، ويعد أول من أدخل مذهب أبي حنيفة المغرب.
كما نشطت فئة الخوارج في نشر مذهبهم، ونشر المصنفات له، وكان من أكبر علماء الإباضية محمد بن أفلح وأبو خرز الحامي وهود بن محكم الذي صنف تفسيراً ويعد أول تصنيف في التفسير في الجزائر حيث تعد "تيارت" منبعاًَ أسسوا فيه دولتهم.
وفي آخر هذه الحقبة نشطت الرحلات العلمية إلى المشرق حيث عاد الطلاب بعلم مالك (ت179ه) واشتهر منهم علي بن زياد (283ه).
قال عنه أبو العرب: علي بن زياد من أهل تونس ثقة مأمون متعبد بارع في الفقه ممن يخشى الله عز وجل مع علوه في الفقه. سمع من مالك وسفيان الثوري والليث ابن سعد، وابن لهيعة وغيرهم. وسمع بإفريقية قبل هذا من خالد بن أبي عمران، لم يكن بعصره بإفريقية مثله. سمع منه البهلول بن راشد وسحنون وشجرة وأسد بن الفرات وغيرهم. وروى عن مالك الموطأ، وكتب سماعه من مالك الثلاثة. قال أبو سعد بن يونس: هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان المغرب، وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه ([15] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn15)).
¥