وقال ((أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً)) الإسراء
وقال ((فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون)) المؤمنون
وقال ((وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون)) يس
فأنت ترى في هذه الآيات الأربع، أنه جعل (النخيل) في جنات، فلا يشمل ما في غير الجنات، فلا تدخل فيها النخلة الواحدة، أو النخلتان وقليل النخل.
وقال ((وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل)) الرعد، فقال ((يسقى بماء واحد)) فخرج ما لم يسقى بماء واحد.
وقال ((ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً)) النحل، فخرج منه ما لم يتخذ منه السكر.
أما (النخل) فهو عام يشمل الصغير والكبير المثمر وغيره، سواء كان في جنات أم في غيرها، وسواء كانت نخلة واحدة أم أكثر.
قال تعالى في وصف الجنة ((فيها فاكهة ونخل ورمان)) الرحمن، ونخل الجنة كثير كثير.
وقال ((أتتركون في ما هاهنا آمنين () في جنات وعيون () و زروع ونخل طلعها هضيم)) الشعراء، والنخل هنا يشمل ما في الجنات وغيرها.
وقال ((والأرض وضعها للأنام () فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام)) الرحمن، وهو يشمل جميع النخل سواء كان في جنات أم لم يكن.
وقال ((تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر)) القمر
وقال ((فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية)) الحاقة
وقال ((و لأصلبنكم في جذوع النخل)) طه
وقال ((والنخل باسقات لها طلع نضيد)) ق
فأنت ترى أنه لم يخصص النخل بشيء، فهو أعم من النخيل وأشمل.
وقد تقول: ولكن القرآن قد يستعمله استعمالاً واحداً، وذلك نحو قوله تعالى في سورة النحل ((هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون () ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون)).
وقوله في سورة عبس ((فلينظر الإنسان إلى طعامه () أنا صببنا الماء صباً () ثم شققنا الأرض شقا () فأنبتنا فيها حباً () وعنباً وقضباً () وزيتونا ونخلاً () وحدائق غلباً () وفاكهة وأبا () متاعاً لكم ولأنعامكم)).
فاستعمل النخل والنخيل لما يخرج من الأرض على وجه العموم، ولم يخصص النخيل بشيء.
والحق أن السياق مختلف، وأن (النخل) في عبس أكثر من (النخيل) في النحل. وإليك ما يوضح ذلك:
وقال في عبس ((أنا صببنا الماء صباً () ثم شققنا الأرض شقاً () فأنبتنا)) بإسناد الفعل إلى ضمير المتكلم بصيغة الجمع للتعظيم، وهذا يقتضي الزيادة في التفضل على الإنسان فيما ذكر. 1 - أنه قال في النحل ((هو الذي أنزل من السماء ماءً)) وقال في عبس ((أنا صببنا الماء صباً)) والصب أكثر من الإنزال، علاوة على أنه أكده بقوله (صب) 2 - جعل الماء في النحل للشراب والشجر، فقال: ((لكم منه شراب ومنه شجر)) في حين خصص الماء في عبس للطعام، ولم يذكر الشراب. فالماء المعد للزراعة في عبس أكثر، فإنه لم يخصص قسماً منه للشرب، بل جعله للطعام خاصة. 3 - ثم إن المنتوجات في عبس أكثر، فقد ذكر في النحل الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، وذكر في عبس الحب والعنب والقضب والزيتون والنخل والحدائق والغلب، وهي ملتفة كثيرة الشجر، والفاكهة والأب، فلم زاد في الماء المخصص للزرع في عبس زادت المنتوجات في النوع والكمية. 4 - ذكر النخيل والأعناب بصورة الجمع في النحل، وذكر النخل والعنب بصورة اسم الجنس الجمعي في عبس وهو أكثر. 5 - قال في النحل ((هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب منه شجر فيه تسيمون () ينبت لكم به الزرع)) بإسناد الفعل إلى ضمير الغيبة.
فاستعمل (النخل) في آية (ق) ولم يستعمل (النخيل) كما في النحل.
قال الأستاذ السامرائي: ويتضح سبب ذلك في النظر في الآيتين:
والإسناد إلى المتكلم يقتضي زيادة التفضل والإحسان.
¥