كما يقولون: فيهم البيتُ والعَدد، ويكون هذا من حَمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة كما أشرنا إليه في المقدمة التاسعة. وكأنَّ حكمة تجليلهم معه بالكساء تقويةُ استعارة البيت بالنسبة إليهم تقريباً لصورة البيت بقدر الإمكان في ذلك الوقت ليكون الكساء بمنزلة البيت ووجود النبي صل1 معهم في الكساء كما هو في حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوباً إليه،
وبهذا يتضح أن أزواج النبي صل1 هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيْها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها. ولذلك هُمْ أهل بيته بدليل السنة، وكل أولئك قد أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً،
بعضه بالجعل الإلهي، وبعضه بالجعل النبوي، ومثله قول النبي صل1 (سَلْمان منّا أهلَ البيت).
وقد استوعب ابن كثير روايات كثيرة من هذا الخبر مقتضية أن أهل البيت يشمل فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً.
وليس فيها أن هذه الآية نزلت فيهم إلا حديثاً واحداً نسبه ابن كثير إلى الطبري ولم يوجد في تفسيره عن أم سلمة أنها ذكر عندها علي بن أبي طالب فقالت: فيه نزلت: (((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً))) وذكرتْ خبر تجليله مع فاطمة وابنيه بكساء (وذكر مصحّح طبعة (تفسير ابن كثير) أن في متن ذلك الحديث اختلافاً في جميع النسخ ولم يفصله المصحّح).
وقد تلقّف الشيعة حديث الكساء فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صل1 لسن من أهل البيت. وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبي.
وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله: (هؤلاء أهل بيتي) صيغة قصر
وهو كقوله تعالى: (((إن هؤلاء ضيفي))) (الحجر: 68) ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها. ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها. ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء بأهلية أنها نزلت في أزواج النبي صل1 وأنه قال أيضاً: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صل1 وأنه كان يصرخ بذلك في السوق.
وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة.
ـ[مني لملوم]ــــــــ[13 Dec 2010, 09:49 م]ـ
ابن كثير
قال مسلم في صحيحه: حدثني زُهَير بن حرب، وشُجاع بن مَخْلَد جميعا، عن ابن عُلَيَّة -قال زهير: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حَيَّان، حدثني يزيد بن حَيَّان قال: انطلقت أنا وحُصَين بن سَبْرَةَ وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيتَ يا زيدُ خيرًا كثيرًا [رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعتَ حديثه، وغزوتَ معه، وصليتَ خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا]؛ حَدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا بن أخي، والله لقد كَبرَت سِنِّي، وقدم عهدي، ونسيتُ بعض الذي كنتُ أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حَدّثتكُم فاقبلوا، وما لا فلا تُكَلّفونيه. ثم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا بماء يدعى خُمًّا -بين مكة والمدينة -فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وَذَكّر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، وأولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به". فَحَثّ على كتاب الله وَرَغَّب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذَكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي" ثلاثا. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصّدَقة بعده. قال: ومَنْ هم؟ قال هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم كَبرَت سِنِّي، وقدم عهدي، ونسيتُ بعض الذي كنتُ أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حَدّثتكُم فاقبلوا، وما لا فلا تُكَلّفونيه. ثم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا بماء يدعى خُمًّا -بين مكة والمدينة -فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وَذَكّر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، وأولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به". فَحَثّ على كتاب الله وَرَغَّب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذَكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي" ثلاثا. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصّدَقة بعده. قال: ومَنْ هم؟ قال هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم [صحيح مسلم 2408]
¥