تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من حديث: (لا تمنعوا إماء الله ..... )]

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 07 - 2010, 06:05 ص]ـ

ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات":

فتسلط النهي على المصدر الكامن في الفعل مئنة من العموم وهو محمول على حال الأمن وعدم الفتنة، بقرينة التقييد بعدم التطيب كما قد ذيل النهي في هذا الحديث، فتلك قرينة لفظية من نفس السياق، فضلا عما أثر عن بعض السلف من ذم حال النساء في أزمانهم وقد توسعن في الخروج وأحدثن في المساجد ما أحدثن، وقد أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أصابت بخورا ألا تشهد معه العشاء الآخرة حتى تغتسل، ورد أبو هريرة، رضي الله عنه، من قصدت المسجد متطيبة.

وفي الإضافة في: "إماء الله" و: "مساجد الله": إشعار بالعلة، فالإضافة في كليهما من إضافة المخلوق إلى الخالق، عينا، أو مكانا، والمكان مكان عبادة، فلا تمنعوا إماء الله عبادة الله بالسعي إلى المساجد والصلاة فيها، وإن كانت بيوتهن خيرا لهن لما فيها من التستر، فهو الأليق بالحرائر، فوصفهن بـ: "إماء الله" مما يحمل الرجال على عدم منعهن، فالمانع لهن مع أمن الفتنة، متعد على حكم الشرع، لا سيما إن سعين لطلب العلم الواجب على كل مكلف وكان الزوج غير قادر على تعليم امرأته لجهل أو اشتغال بمعاش .... إلخ، فإن السعي حينئذ يأخذ حكم الوجوب تبعا لوجوب طلب العلم المفروض عينا على كل مكلف مما لا تصح ديانته إلا به أصولا أو فروعا، علوما أو أعمالا، فوجوبه حينئذ وجوب وسيلة إلى مقصد واجب فللذريعة حكم ما يتذرع إليه بها، فإن كان واجبا فالذريعة إلى تحصيله واجبة كوجوب السعي إلى الجمعة فهو الذريعة إلى أدائها، فوجوبه من وجوبها، وإن جاء النص على وجوبه صراحة فـ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)، وإن أشعر التقييد بـ: "ذكر الله" بأن المراد هو الصلاة أو الخطبة فهي من الذكر عند من أوجب حضور الخطبة.

ويقال أيضا بإن الإضافة إما أن تحمل على الإضافة العامة، فالنساء كلهن إماء الله، عز وجل، فيكون ذلك من قبيل العبودية العامة، وإما أن يحمل على العبودية الخاصة فمن تحرص على حضور الجماعة في المسجد لا تكون غالبا إلا من صوالح النساء، ولكل وجه، فيؤيد الأول: عموم خطاب التشريع، ويؤيد الثاني الحال الغالبة كما تقدم، وعلى كلتا الحالين تكون الإضافة المتتالية في: "إماء الله"، و: "مساجد الله" من الباعث، كما تقدم، على الإذن لهن في حضور الجماعة، فضلا عن الإظهار في موضع الإضمار، فيصح في غير هذا السياق أن يقال: لا تمنعوا إماء الله مساجده، فأظهر الاسم الجليل إمعانا في تعظيم الأمر فضلا عن تعظيم مكان إقامة الشعيرة، بنسبته إلى من تؤدى إليه، فذلك من قبيل الإضافة في: "بيت الله"، فهو بيته الذي تؤدى فيه أعظم فرائضه على عباده.

ثم جاء القيد الاحترازي: وليخرجن تفلات، فالتفل هو الريح الكريهة كما في "النهاية في غريب الأثر"، وهو كناية عن ترك التطيب سدا لذريعة الافتتان بريحهن، فليس المراد عدم التنظف الذي يؤدي إلى تولد الريح الكريهة، فذلك غير مراد شرعا، بل مما قد ذمه الشارع، عز وجل، فشرع لإزالته جملة من الأغسال الواجبة والمستحبة، فقد يقال هنا بأن هذه الكناية على خلاف المطرد في حدها عند البلاغيين، فالمطرد من كلامهم أن الجمع بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي في الكناية جائز وبذلك فارقت المجاز الاصطلاحي، وليس ذلك بحاصل في هذا السياق، فليس المراد الجمع بين ترك التطيب والريح الكريهة بل المراد الأول دون الثاني، وقد يقال بأن الجمع يصح لو نظرنا إلى التاركة للتطيب في مقابل من تطيبت، فهي تفلة من هذا الوجه إذ ريحها أدنى من ريح المتطيبة بداهة، وإن لم تكن تفلة كريهة الريح حقيقة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[السراج]ــــــــ[28 - 07 - 2010, 12:45 م]ـ

بارك الله فيك أخي مهاجر

ونفع بك، ورزقك الخير أنّى حللتَ ..

أفدتنا بعلمك .. نحمدُ الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 02:47 م]ـ

وجزاك خيرا أيها الكريم ونفع بك وبعلمك وشكر لك مرورك وحسن ظنك.

ـ[عبود]ــــــــ[18 - 08 - 2010, 06:26 ص]ـ

جزاك الله خير

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير