تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من حديث: "أي الذنب أعظم ..... "]

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 11 - 2010, 04:13 ص]ـ

من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، مرفوعا: "أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا قَالَ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ":

فـ: أي الذنب أعظم؟: فذلك من الاستفهام لبيان ماهية الذنب الذي يندرج في حد الكبيرة، وهو ما جعل بعض أهل العلم يجعل هذا الحديث عمدة في حد الكبيرة بذكر أفرادها فيكون ذلك من قبيل التعريف بذكر الأفراد، فالتعريف قد يكون بالمثال، وقد يكون بذكر جميع الأفراد استيعابا، كما في حديث وفد عبد القيس وفيه: "هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا الخمس من المغنم"، فحد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإيمان بخصال الإسلام العملية، وذلك مما استدل به المحققون من أهل العلم على دخول الأعمال في حد الإيمان، فقد عرفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذكر أفراده العملية، كما عرفه في حديث جبريل بخصاله العلمية: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"، ومما استدل به على ترادف الإيمان والإسلام حال المفارقة، فيترادفان حال المفارقة، فكل منهما يدل على معناه أصالة وعلى معنى الآخر نيابة، فيعم الإسلام خصال العمل أصالة، ويدل مع ذلك على خصال العلم نيابة، فيعم معاني الدين: علما وعملا، فيكون الإسلام إذا أفرد بالذكر هو الدين الجامع للإلهيات والشرعيات والسياسات والزهديات ...... إلخ، فـ: (مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ): فمن يبتغ غير الإسلام العام قبل الرسالة الخاتمة دينا، فهو دين المرسلين جميعا، فكان دين المسيح عليه السلام وإن كانت شريعته النصرانية، وكان دين موسى الكليم عليه السلام وإن كانت شريعته اليهودية، فلن يقبل منه، فالتوحيد شرط صحة رئيس لما بعده من أصول وفروع علمية وعملية فهو الأصل الأول ولا صلاح لفرع فسد أصله فصلاح المنشأ مئنة من صلاح ما ينشأ عنه سواء أكان ذلك في المعقولات أم في المحسوسات، والتلازم بينهما تلازم وثيق أشار إليه ابن تيمية، رحمه الله، بقوله: "وَالدِّينُ الْقَائِمُ بِالْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ عِلْمًا وَحَالًا هُوَ " الْأَصْلُ " وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ هِيَ " الْفُرُوعُ " وَهِيَ كَمَالُ الْإِيمَانِ. فَالدِّينُ أَوَّلُ مَا يُبْنَى مِنْ أُصُولِهِ وَيَكْمُلُ بِفُرُوعِهِ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِمَكَّةَ أُصُولَهُ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْأَمْثَالِ الَّتِي هِيَ الْمَقَايِيسُ الْعَقْلِيَّةُ وَالْقِصَصُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ ثُمَّ أَنْزَلَ بِالْمَدِينَةِ - لَمَّا صَارَ لَهُ قُوَّةٌ - فُرُوعَهُ الظَّاهِرَةَ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْجِهَادِ وَالصِّيَامِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالْمَيْسِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وَاجِبَاتِهِ وَمُحَرَّمَاتِهِ".

ومن يبتغ غير الإسلام الخاص بعد الرسالة الخاتمة فلن يقبل منه، فهو معدن التوحيد علما وعملا ففيه من بيان الأصول العلمية والفروع العملية ما ليس في غيره من الشرائع والرسالات، فـ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، فرضيت لكم التوحيد الذي جاء به الأنبياء عليهم السلام: دينا، ورضيت لكم ما جاء به النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الإسلام الخاص فهو زبدة الرسالات وخلاصة علوم النبوات، رضيته لكم دينا برسم النسخ لشرائع المتقدمين والإحكام لعلوم النبيين، عليهم السلام، فعلومهم الإلهية واحدة، وإن تفاوتت إجمالا وتفصيلا، فقد جاءت كلها بإثبات وصف الكمال ونفي وصف النقصان عن رب البرية، جل وعلا، فتراوحت بين الإجمال والبيان الجزئي الذي يلائم حال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير