تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا .... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 07 - 2010, 02:36 م]ـ

ومن قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ):

فذلك الشطر الأول من قسمة الجزاء الثنائية في الدار الآخرة، وإنما ابتدئ بها لمقام الترهيب بذكر الوعيد، فذلك آكد في الزجر، فالسورة مكية، وأغلب المخاطبين منكرون جاحدون للنبوة، فسيق الذين كقروا إلى مثواهم، والسوق مئنة من الإهانة، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فمادة: "ق س و" تدل على القوة والجمع، ومن فروعها: "السَّوْق"، وهو مئنة من الاستحثاث، كما أشار إلى ذلك ابن جني، رحمه الله، في "الخصائص"، فذلك آكد في الإهانة بإزعاجهم في سيرهم فليس سير التأني وإنما هو سير التعجيل إلى العذاب، وحذف الفاعل للعلم به حتى إذا جاءوها: فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا: وفي قراءة بالتشديد، وذلك آكد في تقرير المعنى فالزيادة في المبنى مئنة من الزيادة في المعنى، وذلك، أيضا، مما يحصل به الزجر في الأولى والنكاية في الآخرة، وإمعانا في الإهانة: قال لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا: فذلك استفهام تقريري إذ دخل الاستفهام على النفي، فذلك ينزل منزلة النفي، ونفي النفي إثبات، فجاءتهم الرسل تتلوا الآيات في مقام الإنذار فحصلت لهم هداية الدلالة وحقت عليهم كلمة العذاب الكونية فحرموا هداية التوفيق فذلك من عدل الرب، جل وعلا، فيهم، ولو شاء لهداهم بفضله، فقيل لهم، وحذف القائل إهمالا لشأنهم، ادخلوا أبواب جهنم، وجاءت الحال: خالدين فيها: زيادة في الإيلام، فبئس مثوى المتكبرين هو مثواهم، فذلك من الذم القياسي.

ومن قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ):

فذلك استيفاء لشطري القسمة العقلية، فهو جار على جهة المقابلة بين طرفي القسمة الثنائية: أهل النار الذين تقدم ذكرهم ترهيبا، وأهل الجنة الذين ثنى بذكرهم ترغيبا، فسيق الأولون إلى جهنم عدلا وسيق الآخرون إلى الجنة فضلا، ومجيء السوق هنا من باب المشاكلة اللفظية دون إرادة المعنى الذي أريد في الشطر الأول، فليست حال المؤمنين تكريما كحال الكافرين إهانة، فالسوق هنا غير السوق هناك وإن تشاكلا لفظا لقرينة السياق، فسياق التكريم يباين بداهة سياق الإهانة، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، وقد يقال بأن مادة السوق تدل، كما تقدم، على الجمع والحث، وهو معنى كلي جامع يشمل كلا الوجهين، وإنما يتعين المراد من الإهانة أو التكريم بقرينة السياق التي تقيد هذا المعنى الكلي فيكون في حق الكافرين إهانة فذلك معنى جزئي من أجزاء المعنى الكلي الجامع، ويكون في حق المؤمنين تكريما فذلك جزئي آخر يندرج تحت نفس الكلي السابق، فقرينة السياق، كما تقدم مرارا، أصل في معرفة مراد المتكلم، حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها: فذلك من صور التكريم بفتح الأبواب قبل بلوغها، فجزاؤهم الخلود في: (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ)، فالفتح هنا أيضا غير الفتح هناك، لما تقدم من قرينة السياق، فيحمل على المشاكلة اللفظية، أيضا، دون إرادة نفس المعنى في كلتا الحالين، فالتبايبن بينهما ظاهر، بداهة، وزيادة الواو هنا مما استأنس به من قال بأن أبواب الجنة سبعة، فهي عنده الواو التي اصطلج بعض أهل العلم على تسميتها بـ: "واو الثمانية"، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فنكر السلام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير