[وقفات .. في معاني الأبنية العربية]
ـ[أنوار]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 01:47 ص]ـ
1 - الاسم والفعل ..
يقول اللغويون:
إن الاسم يفيد الثبوت، والفعل يفيد التجدد.
وسرُّ ذلك أن الفعل مقيَّد بالزمن. فالفعل الماضي مقيَّد بالزمن الماضي،
والمضارع مقيَّد بزمن الحال أو الاستقبال في الغالب، في حين أن الاسم غير مقيّد بزمن من الأزمنة فهو أشمل وأعم وأثبت.
جاء في " نهاية الإيجاز " للفخر الرازي .. بتصرف:
(الاسم له دلالة على الحقيقة دون زمانها، وأما الفعل فله دلالة على الحقيقة وزمانها، وكل ما كان زمانيا فهو متغيِّر، والتغيُّر مشعر بالتجدد).
قال تعالى: " سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ " [الأعراف: 193].
ففرق بين طرفي التسوية فقال: " أَدَعَوتُمُهُم " بالفعل.
ثم قال: " أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ " بالاسم ..
ولم يُسوِّ بينهما، فلم يقل: أَدَعَوتُمُهمْ أم صَمَتُّم بالفعلية، أو أأنتم داعوهم أم أنتم صامتون.
وذلك أن الحال الثابتة للإنسان هي الصمت، وإنما يتكلَّم لسبب يعرض له .. ولو رأيت إنسانا يكلم نفسه لاتَّهمته في عقله. فالكلام طارئ يحدثه الإنسان لسبب يعرض له. ولذا لم يسوِّ بينهما بل جاء للدلالة على الحال الثابتة بالاسم (صامتون) وجاء للدلالة على الحال الطارئة بالفعل (دعوتموهم):
أي أأحدثتم لهم دعاء أم بقيتم على حالكم من الصمت.
جاء في الكشاف: " فإذا قلت: هلا قيل: أم صمتُّم؟ ولِمَ وضعت الجملة الاسمية موضع الفعليَّة؟ قلت: لأنهم كانوا إذا حزبهم أمرٌ دعوا الله دون أصنامهم.
فكانوا حالتهم المستمرة أن يكونوا صامتين عن دعوتهم. فقيل: إن دعوتموهم لم تفترق الحال بين إحداثكم دعاءهم وبين ما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم " (1/ 592).
من كتاب / معاني الأبنية في العربية .. فاضل السامرائي
ـ[**ينابيع الهدى**]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 02:23 ص]ـ
جزاكِ الله خيرا أختي أنوار
مثل ذلك قوله تعالى (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)
باسط جائت اسما ولم يقل يبسط للدلالة على أن هذه الصفة كانت ثابتة فيه.
انظر إلى قوله تعالى:" وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " فإن أحدا لا يشك في امتناع الفعل ههنا وإن قولنا:" كلبهم يبسط ذراعيه. لا يؤدي الغرض وليس ذلك إلا لأن الفعل يقتضي مزاولة وتجدد الصفة في الوقت ويقتضي الاسم ثبوت الصفة وحصولها من غير أن يكون هناك مزاولة و تزجية فعل ومعنى يحدث شيئا فشيئا" دلائل الإعجاز 133_134
ـ[أنوار]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 02:33 ص]ـ
أشكرك أختي العزيزة .. ينابيع الخير على المرور والإضافة ..
ـ[عبود]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 04:43 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 04:54 ص]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة أنوار فائدة جد جليلة
ومنه قوله تعالى: (وجعل كلمةَ الذين كفروا السفلى، وكلمةُ الله هي العليا) فقال: (وكلمةُ) فاستأنف ولم يعطف للدلالة على أن الأصل الثابت لهذه الكلمة أنها عليا دائما.
والله أعلم
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 06:04 ص]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة أنوار فائدة جميلة
ومنه قوله تعالى في قصة ضيف إبراهيم - عليه السلام -: " قالوا سلامًا قال سلامٌ "
سلامًا: جملة فعلية يسلم سلامًا
سلامٌ: مبتدأ = اسم
والاسم كما قرر أشمل وأثبت من الفعل
فسلموا عليه بالجملة الفعلية فسلم عليهم بالجملة الاسمية
ونحن مأمورون " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=46&ID=684#docu)"
ـ[أنوار]ــــــــ[28 - 08 - 2010, 07:16 ص]ـ
بارك الله فيك
وبارك الله فيكم
الأستاذ ابن القاضي .. أشكرك، وجزاك الله خيرا لما أضفته.
الأستاذ الأديب .. شكرا لمروركم وإضافتكم، جزيتم خيرا.
ـ[أنوار]ــــــــ[28 - 08 - 2010, 07:35 ص]ـ
يقول الجرجاني في دلائله:
" إن موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجدده شيئًا بعد شيء.
وأما الفعل فموضوعه على أن يقتضي تجدد المعنى المثبت به شيئًا بعد شيء .. ".
و لا تخلو أساليب الخطاب العادية منها ..
كأن تقول لصاحبك: أتنجح هذا العام؟؟
فيجيب: أنا ناجح ..
فهو لشدة وثوقه بنفسه يجيب وكأن الأمر قد تمَّ واتَّصفَ صاحبه به، وإن لم يكن قد حصل.
ومنه قوله تعالى: " رَبَنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ " (آل عمران: 9)
والأصل تجمعُ الناس .. لأنه في الاستقبال ..
ولكن لأن الأمر متحقق ثابت أخبر عنه باسم الفاعل الدال على الثبوت ..
والله أعلم