تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُون)

ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 09 - 2010, 08:19 م]ـ

ومن قوله تعالى: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ):

فذلك من المقابلة في معرض بيان القدر الفارق بين:

الرب، جل وعلا، فدلالة العكس في إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل على جهة المضارعة مئنة من التجدد والحدوث فضلا عن استحضار تلك الصورة الكونية الباهرة التي تغفل عنها عامة النفوس لتكرار وقوعها، فتلك الدلالة مئنة من كمال قدرة الرب، جل وعلا، على خلق الأضداد، فليلٌ يعقبه نهار، وكمال حكمته باطراد سنته النافذة في كونه، وكمال رحمته، فالليل سكن، والنهار دأب، فصيانة الأجساد تكون في نوم الليل، وكسب المعايش التي لا تقوم إلا بها يكون في سعي النهار.

وكذلك الشأن في تسخير الشمس والقمر بالأمر الكوني النافذ، فكل يجري لأجل مسمى، فلكلٍ فلك يدور فيه بانتظام، فـ:

ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ: فإشارة البعيد مئنة من عظم شأن الرب، جل وعلا، بصفاته وأفعاله، فهو العزيز الكبير، في مقابل حقر شأن آلهتهم فهي ذليلة صغيرة، فذلكم الله: إشارة إلى حقه على عباده من كمال التوحيد العملي تألها ورقا للرب المالك، جل وعلا، فهو ربكم: فذلك من التعقيب بالعلة عقيب المعلول، فهو الله المعبود لأنه الرب الذي أوجد من العدم، وأعد المحال لتقلي آثار الحياة، وأمدها بأسبابها الشرعية والكونية، والإضافة هنا: إضافة عامة فإضافة الاسم إلى الضمير من صيغ العموم القياسية، كما قرر ذلك أهل الأصول، فتلك هي الربوبية العامة التي شملت بآثارها الشرعية: هداية بيان وإرشاد بإرسال الرسل عليهم السلام، والكونية: خلقا للأجساد وإعدادا للمحال وإنزالا للأرزاق، التي شملت بآثارها الشرعية والكونية: عموم البرية، والخطاب قد توجه إلى قوم مشركين فانتفى احتمال الربوبية الخاصة التي لا تكون إلا لأولياء الرحمن، جل وعلا، فيكلؤهم بهداية التوفيق إلى اتباع الحق الذي جاءت به النبوة، ويكلؤهم بحفظه الكوني، وإن نال منهم عدوهم، فلن يضرهم إلا أذى، فـ: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا)، و: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ)، فله، جل وعلا، الملك: للأعيان والأحوال، على جهة القصر بتقديم ما حقه التأخير فذلك مئنة من القصر، وهو قصر حقيقي، بالنظر إلى معنى الملك المطلق الذي يتصرف فيه صاحبه تصرف المليك فهو: المالك للعين الملك المدبر لها، فله، جل وعلا، كمال التدبير الكوني بالكلمات النافذات التي تلقى إلى الملائكة على جهة الأمر الجازم، فـ: (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)، فبأمره الكوني، وحده، على جهة القصر الحقيقي، أيضا، بتقديم ما حقه التأخير، بأمره الكوني وحده يعملون، فبهم تصل آثار هذه الكلمات إلى عموم الكائنات فليسوا سوى أسباب كونية مغيبة خلقها الرب، جل وعلا، وخلق لها قوى مؤثرة، وسننا جارية، فلا تؤثر إلا بإذن ربها، جل وعلا، ولا تجري إلا بمشيئته النافذة، وله، تبارك وتعالى، كمال التدبير الشرعي بالكلمات الحاكمات أمرا ونهيا، فتتوجه إلى الرسل عليهم السلام فهم واسطة البلاغ بين الحق والخلق، فبهم تصل آثار الكلمات الشرعيات النافعة إلى عموم المكلفين، فذلك من معاني ربوبيته، جل وعلا، فالتدبير الشرعي بالأحكام يتعلق بالربوبية فلا يشرع إلا الرب، جل وعلا، فذلك من أخص أوصافه، ويتعلق بالألوهية فلا يتعبد له، جل وعلا، إلا بما شرع، ولا يحكم غيره في أي نزاع، خاص أو عام، محلي أو دولي، سياسي أو عسكري، فالشريعة الخاتمة قد عمت بأحكامها كل شئون الحياة الخاصة والعامة، فـ: (فَلَا وَرَبِّكَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير