تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من حديث: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ"

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 04:30 م]ـ

من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ":

فصدر السياق بقصرٍ بتعريف الجزأين، فهو أخو المسلم لا غيره، فأفاد ذلك انتفاء كل أخوة سواها من أخوة نسب أو وطن .... إلخ من معاقد الولاء والبراء التي وصفها الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنها منتنة، والكلام يفيد بمفهومه انتفاء أخوة المسلم لغيره، أو يقال بأن في الكلام إيجازا دل عليه السياق، فالقصر ينوب عن الإثبات: فالمسلم أخو المسلم، والنفي: فليس أخا لغيره، كما قرر ذلك البلاغيون في معرض بيان وجوه البلاغة في القصر، فلا أخوة بين مسلم وكافر، فلسان مقال مصعب بن عمير لمحرز بن فضلة، الذي أسر أبا عزيز بن عمير، أخاه من النسب: "اُشْدُدْ يَدَيْك بِهِ، فَإِنَّ لَهُ أُمًّا بِمَكَّةَ كَثِيرَةَ الْمَالِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَزِيزٍ: هَذِهِ وَصَاتُك بِي يَا أَخِي؟ فَقَالَ: إنَّ مُحْرِزًا أَخِي دُونَك"، فأثبت أخوة الدين لمؤمن بعيد، ونفي الأخوة عن أخ شقيق لقيام مانع الكفر به، ولسان حال الصديق، رضي الله عنه، الحرص على قتل ابنه عبد الرحمن، يوم بدر، ولسان حال ابن الخطاب، وهو الفاروق بين الحق والباطل فلا تحتمل طبيعته التردد، فهو الحاسم دوما بكلماته الجزلة، وسيفه الذي قتل به خاله يوم بدر، ولسان حال أبي عبيدة، رضي الله عنه، معروف مشهور، فهو قاتل أبيه، في ذات الله، عز وجل، فـ: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)، فالنفي قد تسلط على المصدر الكامن في الفعل، فلا يتصور وجدان إيمان، مع وجدان مودة للكفار، فذلك مئنة من النفاق الذي يصل إلى حد النفاق الأكبر المخرج من الملة، في صور قلبية وقولية وعملية، فالكفر يقع بها جميعا، خلافا لمن حصره في انتفاء قول القلب بالتكذيب، فينتفي أصل الإيمان من القلب بالتكذيب، أو بانتفاء عمل القلب، كما يقع ممن يتمنى ظهور الكفار وعلو شأنهم على المؤمنين، بل ويتمنى ولايتهم، فيسعى في ذلك، فهو من صور النفاق الأكبر الظاهرة، فلا ينفك فساد الباطن بتولي الكفار، عن فساد في الظاهر هو تأويل ما قام بالباطن، فالظاهر، كما تقدم مرارا، قولا أو فعلا، هو تأويل الباطن، والشاهد أنه يسعى في ذلك بلسانه فهو دوما مثن عليهم ذام للمؤمنين كاره لهم مفتر عليهم محرض عليهم في الداخل والخارج ساخر من هديهم الباطن والظاهر، ويسعى في ذلك بفعله باستيراد قوانينهم وشرائعهم، والدخول في حزبهم حال وقوع الحرب بينهم وبين المؤمنين، ومد يد العون المادي إليهم سواء أكان عسكريا أم لوجستيا أم استخباريا ...... إلخ من صور المظاهرة والتأييد، أو الهرب إلى بلادهم طوعا بلا إكراه، كما وقع ويقع من جملة من المرتدين الذين ينتسبون زورا إلى عالم الفكر والأدب، فيحزمون حقائبهم إلى بلاد الغرب، ويدخلون في ولايتهم طواعية، بل ويتخذون بلادهم وجامعاتهم منابر للقدح في الإسلام وثوابته، بخلاف من فر إلى بلادهم ودخل في حكمهم، بجنسية أو هوية، مكرها مضطرا، فلا يأمن على دمه وعرضه في بلاد المسلمين، ويأمن عليها في بلاد الكافرين، وتلك من النوازل الحادثة في زماننا، فكثير قد ضاقت به بلاد المسلمين ذرعا، فلم يجد من يأوي إليه من المسلمين فاضطر إلى الانحياز إلى بلاد الكفار لينعم، ولو جزئيا بحرية دينية، ولو اعتقادا وشعائر، فتلك من الأمور التي صارت عزيزة المنال في بلادنا في الأعصار الأخيرة، لا سيما بعد تكرار مهزلة تسليم المؤمنات إلى الكافرين، فلم يعد مؤمن قديم ولا مؤمن جديد يأمن على نفسه من بطش السلطات الرسمية الباسلة التي تجتهد في حرب التطرف والإرهاب، وتتعاطى كؤوس المحبة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير