تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ..... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 05 - 2010, 08:31 ص]ـ

من قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ):

فذلك من خطاب المواجهة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جهة الأمر لقرينة تواتر نصوص التنزيل بوجوب الزكاة بل هي قرينة الصلاة في التنزيل، وبذلك الاقتران استدل الصديق، رضي الله عنه، على قتال مانعي الزكاة، فردهم إلى الإجماع على قتال تاركي الصلاة إن كانوا جماعة، وقتل التارك إن كان فردا بعد استتابته، على الخلاف المعروف في كتب الفقه، فقد علق حقن دم المشركين على التوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في قوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، ومنه استدل من استدل بكفر تارك الزكاة قياسا على القول بكفر تارك الصلاة، فالاقتران في الذكر مئنة من الاقتران في الحكم، وعدى بعض أهل العلم ذلك إلى بقية المباني قياسا على الصلاة، على خلاف معروف حكاه بعض أهل العلم، وإن كان الراجح عدم كفر تارك الزكاة وبقية المباني، فدلالة الاقتران، دلالة لا يلزم منها الاشتراك في الحكم، فقد يقترن الواجب بالمباح، كما في قوله تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، فزكاة الزروع واجبة، والأكل منها مباح.

والشاهد أن قتال تاركي الزكاة قد وقع الإجماع عليه لدلالة الاقتران في الآية، فذلك من قبيل الإجماع الذي استند إلى قياس جلي، قاسه المسدد أبو بكر، رضي الله عنه، فوقع الإجماع بعد الخلاف فرفعه، ثم جاء النص الذي غاب عن الأصحاب، رضي الله عنهم، حال النزاع، فـ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ"، فوافق قياس الصديق نص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتلك كرامة، أي كرامة، فهي مئنة من سعة العلم وصحة القصد، فهي من جنس موافقة ابن مسعود، رضي الله عنه، لقضاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بروع بنت واشق الأشجعية.

فالأمر باعتبار المواجهة: خاص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وباعتبار المعنى عام في كل من ولي خلافته، فالخطاب موجه إلى منصب الإمامة وهو يقبل الشراكة، لا إلى منصب النبوة فهو منصب لا يقبل الشراكة بداهة، وتلك شبهة من منع الزكاة، فقد حمل الخطاب على اختصاصه بمنصب النبوة، ولا نبوة بعد قبض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنسخ حكم الزكاة، ولو صح ذلك لبطلت جملة وافرة من أحكام الدين بقبض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذلك مما ينقض نصوص إكمال الديانة من قبيل قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، فأي منة بدين تنقص أحكامه بمجرد وفاة نبيه؟!.

و: "من": جنسية بيانية باعتبار أجناس الأموال الزكوية التي تجب فيها الزكاة، فذلك من المجمل الذي جاء بيانه في مواضع من التنزيل من قبيل قوله تعالى: (وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، فأزال ذلك الإجمال نوعا ما ببيان وجوب الزكاة في الزروع، وبقي الإجمال من جهة أنواع الزروع التي تجب فيها الزكاة، فضلا عن بقية أجناس الأموال الأخرى التي تجب فيها الزكاة، فضلا عن أنصبتها ومقاديرها ...... إلخ، فكل ذلك من المجمل الذي بينته السنة، فالجنسية هنا مجملة فالأموال قد أضيفت إلى الضمير فذلك مئنة من العموم والعموم مجمل يفتقر إلى البيان فعموم الأموال يراد به خصوص أموال بعينها، وذلك من المجاز المرسل الذي علاقته العمومية، كما قرر البلاغيون، ومنكر المجاز يتأيد بالنصوص التي تدل على أجناس الأموال الزكوية وأنصبتها ومقاديرها ...... إلخ، فتلك قرائن نصية تنضم إلى ظاهر العموم فتصيره حقيقة فلا مجاز في هذا السياق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير