تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من حديث: (من أحب الأنصار ......... )]

ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 09 - 2010, 02:18 ص]ـ

ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم":

فذلك عموم يناسب تقرير تلك القاعدة الإيمانية الجليلة، فمن أحبهم فبسبب حبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالباء مئنة من السببية، فحب المتبوع ذريعة إلى حب التابع، فمن أحب القائد أحب جنده، فمن نتاج فكره وثمرة جهده في التربية والتدريب قد خرجوا، فهم من نواة الإسلام الأولى التي بلغت حدا من الصلابة، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، حمل الحواشي على القيام بأعباء الرسالة، فلو لم تكن النواة أبا بكر وعمر وسعد بن معاذ وحذيفة ..... إلخ ما قام البناء فهم أساسه الذي صنعه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عين الوحي، فأخلاقهم من أخلاقه، ووصفه في التنزيل: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فالتعدي بـ "على" مئنة من الاستعلاء والتمكن، فخلقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العظمة راسخ عريق، ومنهجه في التربية قويم، فـ: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فقد كان العرب بما جبلوا عليه من أخلاق الصحراء أصحاب نجدة ومروءة وشهامة وكرم وشجاعة .... إلخ من الخلال النفسانية التي تدل على نفاسة المعادن ونقاء الأصول من خبث الحضارات المادية التي كانت تجاورهم شرقا وغربا، فلم تكن تعرف من النبوة إلا آثارا دارسة في الغرب الروماني فهو على رسم الوثنية التثليثية ذات الجذور الأرضية وإن انتسبت زورا إلى الرسالة السماوية، ولم يكن للشرق بها سابق عهد، فهو على رسم الوثنية المجوسية الصريحة، فبعث صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالوحي لينفي خبث المعادن، فيزيل الركام من عليها ليظهر بريقها بعد التهذيب برسم: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"، فجعل الفقه قيدا في اتصال إسناد الخيرية، ومنه فقه الأخلاق فصارت الشجاعة نجدة للمظلوم لا عدوانا على الضعيف، وصار الكرم نجدة للمكروب لا سفها ورياء ...... إلخ، فأشرقت شمس النبوة على محال زكية فتمت مكارم الأخلاق برسم التوحيد أصل كل خلق قويم، فلا صلاح لعلم أو عمل أو خلق أو سياسة إلا برسم الشريعة، فهي معدن صلاح الأفراد والأمم، بل هي معدن صلاح الأمصار والدول، فإذا غابت أحكامها كما هي الحال في زماننا: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فبما كسبت أيديهم ويعفو الرب الصبور الحليم عن كثير، و: (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فتمام أخلاقهم الذي بعث لأجله النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جهة القصر الادعائي مبالغة في العناية بشأن الأخلاق فهي التأويل الظاهر لما يقوم بالقلب من علوم وإرادات، فلا تصدر غالبا إلا عن أصل صالح، إما شرعا فقد جمع له جودة الطبع وامتثال الشرع، فجبل على مكارم الأخلاق على رسم الأشج رضي الله عنه، ثم جاء الوحي ليزيده عظمة وكمالا، وإما طبعا فصاحبه مظنة الانقياد ولو بعد حين لأمر الشرع الحنيف، فعنده من الملكات الجبلية ما يوافق أحكام الشرعة الإلهية، فالشرع لا يجافي الفطرة الإنسانية القويمة، فامتناع التعارض بين الشرع والفطرة من جنس امتناع التعارض بين النقل والعقل، فكل من عند الرب، جل وعلا، فالشرع منه وحيا برسم: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، فتحيى به النفوس، والفطرة والعقل منه خلقا، فـ: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، فلا يتصور التعارض والمصدر واحد، ولذلك كان أولئك الأفاضل الذين جبلوا على مكارم الأخلاق هدف كل دعوى دينية قويمة، فهم أقدر الناس على القيام بأعبائها، فهم، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، أول من تتوجه إليه أنظار الدعاة إلى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير