تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من آيات الإنفاق]

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 10 - 2010, 03:33 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ):

فتوجه التداء، كما اطرد مرارا في القرآن المدني، إلى المؤمنين، فخطاب المواجهة يتوجه إليهم أصالة لغلبة الإسلام على المدينة بعد الهجرة، فقد صارت دار إسلام تعلوها أحكام التنزيل، وإن كان فيها من الكفار الأصليين والمنافقين، فالعبرة بمن يظهر أمره ويعلو حكمه، وجاء التعريف بالموصول تعليقا للحكم التكليفي على وصف الإيمان الذي اشتقت منه جملة الصلة، فذلك آكد في تقرير المعنى، فالإيمان شرط صحة في جميع الأعمال فلا يقبل فرع إلا إذا صح الأصل، وإلا فمآل الفرع: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)، فعملوا وليس معهم أصل الدين الذي يثبت به عقد الإيمان المنجي من الخلود في العذاب، ولا يقبل العمل إلا إذا كان على رسم الإخلاص، فهو خالص من كدر الشرك الأكبر الذي يحبط العمل جملة، والشرك الأصغر الذي يحبط العمل الذي داخله، أو ينقص من ثوابه إن لم يخالط الرياء أصل العمل، على تفصيل ذكره أهل العلم في هذا الشأن، ولا يقبل العمل إلا إذا كان وفق المشروع فصاحبه على منهاج المنقول من أحكام النبوة باطنا وظاهرا، فتصوره لا يكون إلا من الوحي، وإرادته لا تكون إلا تبعا للشرع، وأعماله لا تكون إلا على منهاج السنة، فالباطن والظاهر قد استقام على جادة الحق، فعلم نافع وعمل صالح، وتلك من بركات حفظ الرسالة، فحفظت علومها بما حفظ ونقل بالتواتر من التنزيل الخاتم، وحفظت أعمالها بالنقل العملي المتواتر، ونقل الآحاد الذي دونه أئمة الشأن من المحدثين، فقد تلقت الأمة دواوينهم بالقبول لجملة ما رووه، إلا ما كان من الشيخين، فصحيح البخاري وصحيح مسلم قد جاوزا القنطرة، إلا أحرفا يسيرة لا تقدح في صلب الكتابين، فقد اجتمع لجملة ما في الصحيحين من القرائن المحتفة ما ثبت به العلم النظري بصحتها في نفس الأمر، وصحة نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك شأن كل حديث تلقته الأمة بالقبول ولو كان آحادا خارج الصحيحين، فخبر الآحاد لا يقبل ابتداء بل ينظر في إسناده فإن صح أفاد ذلك ظنا راجحا يوجب العلم والعمل، فإن الظن غالب، ولا يكون عمل بظن إلا بعد حصول علم بالرجحان الذي يكفي في باب الشرعيات، وإلا تعطلت جملة كبيرة من أخبار وأحكام الشريعة، فإذا انضاف إلى ذلك ما يحتف ببعض أخبار الآحاد من قرائن تقوي الخبر كأن يكون مرويا في الصحيحين، أو في أحدهما، أو يكون مرويا بإسناد قد جاوز القنطرة فهو من أصح الأسانيد كمالك عن نافع عن ابن عمر، ........ إلخ فإنه يبلغ بها مرتبة العلم النظري فليس علما ضروريا كعلم المتواتر بل هو مما يحصل بالبحث والنظر العقلي الذي لا يحسنه كل أحد، فالعلوم الضرورية يشترك في إدراكها العام والخاص، ولذلك جاءت أصول العقائد والشرائع من جملتها فهي علوم ضرورية بدهية يشهد لها العقل والحس والفطرة، فـ: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه"، فيولد على الفطرة التوحيدية، فـ: "أل" في "الفطرة": عهدية ذهنية تشير إلى التوحيد المركوز في النفوس فلو خلي بينها وبين الحياة بلا مؤثر خارجي لوحدت الرب المعبود ضرورة، فالحجة لا تقوم إلا بعلم ضروري لا غموض فيه ولا إلباس، فـ: (لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وذلك من أعظم صور الرحمة بالمكلفين، فلم يمتحنهم رب العالمين بأسرار غامضة لا يدركها إلا أرباب الكهنوت من رهبان وكهنة الأديان المبدلة التي صارت على رسم السحر فرجالها يجيدون ما لا يجيد الأتباع من فنون الدجل والشعوذة التي صارت العمدة في الاستدلال على صحة المقالة، وتلك سمة بارزة في كل دين موضوع أو مبدل، فالخوارق فيه أصل، بل هي العمدة في الاستدلال سواء أكانت حقيقية برسم: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير