تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ..... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 09 - 2010, 01:55 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ....... ):

فهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جهة الحذف لما قد علم من السياق بداهة، فحذف المسند إليه، ولا يخلو، كما قال صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، من بيان لتشويق تقدم بذكر جملة من أوصاف النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فتطلع السامع إلى معرفة المنعوت بتلك النعوت الجليلة، فهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم جاء الاستئناف بوصف من معه، فذيل بذكر الأتباع عقيب ذكر المتبوع، فـ: "الذين معه": فتلك معية النصرة والتأييد، فـ: (أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): فتلك من أظهر صور العناية الخاصة بالأنبياء عليهم السلام عموما، وبالنبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم خصوصا، فقد كانت معيتهم له طاعة واتباعا برسم: "لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر فى الحرب، صدق فى اللقاء"، ونصرة وتأييدا، فهي من جنس معية التأييد الرباني في نحو قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، فجنس التأييد واحد، وإن كان تأييد الرب، جل وعلا، أعظم وأجل، بل ما تأييد الأصحاب، رضي الله عنهم، للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا أثر من تأييد الرب، جل وعلا، له، فهو، كما تقدم، من أعظم صور العناية الربانية بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـ: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً فجعل منهم وزراء وأنصاراً وأصهاراً، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً"، و: "من كان مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمدٍ صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم كانوا أفضل هذه الأمة؛ أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، اختارهم اللَّه لصحبةِ نبيه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم ولإقامةِ دينهِ، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبِعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسِيرهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم".

وفي أعصار الفتن التي تموج، كعصرنا الذي نعيش فيه، وليس لأحد أن يختار زمن حياته أو قدرها أو جنسه أو أهله ..... إلخ، فذلك من المقدور الكوني النافذ، فليس ثم إلا مدافعته بالمقدور الشرعي الحاكم، فلكل قدر كوني قدر شرعي يحكمه فقد ابتلى الرب بالتكوين لينظر كيف يعمل المكلف بالتشريع، فـ: (لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)، و: (جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)، و: (كَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)، و: (لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)، و: (جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)، ففي أعصار الفتن كتلك التي نحياها، ترد نوازل يفتقر فيها الحي إلى الاستنان بمن قد مات من أهل العلم والصلاح، فالحي قد تشتبه عليه الأمور، فيظن المرجوح راجحا، والمفضول فاضلا، فلا يملك الناظر في حاله إلا إحسان الظن به إن كان من أهل الفضل، والعدول عن قوله إن اعتبر ما لم يعتبره الشرع، فالشرع حكم عدل، وغيره محكوم له، فلا يخضع الشرع لقول أو فعل، وإن صدر من عالم أو فاضل، فكلٌ في قيد الوحي أسير، وليس تعظيم النقل وتقديمه على العقل والرأي يالأمر اليسير فلا يصمد له إلا المخلصون الراسخون في العلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير