تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تقلب القلب]

ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 10 - 2010, 03:47 ص]ـ

ومن حديث: إنما القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن: فذلك من القصر الإضافي لبيان أصل الاشتقاق، فجنس القلب في حركاته من جنس مادة قلب فيتحرك القلب بجملة من التصورات والإرادات، فـ: "من" لبيان الجنس فمادة حركته، كما تقدم، من جنس التقلب، فتردد فيه العلوم والإرادات صحة وفسادا، حلا وعقدا، فكم من همم عقدت ثم حلت، فذلك مئنة من كمال ربوبيته، جل وعلا، كما أثر عن بعض السلف: "بم عرفت الله؟ قال: بفسخ العزائم ونقض الهمم"، فانفساخ الهمة مع سبق العقد الجازم وصحة الآلة الفاعلة فلا مانع ظاهر يمنع من وقوع الفعل كما يظن فاعله، فإذا بالهمة يحل وكاؤها وينسكب ماؤها هدرا، فمن حل المعقود وأذهب حرارة الإرادة في القلب، فقعدت الجوارح عن الفعل فكانت برسم النشاط فاعلة فإذا هي برسم الكسل قاعدة؟!، فلا تتحرك الجوارح إلا تبعا لما يقوم بالقلب من تصور علمي أول هو الباعث لجملة من الإرادات الفاعلة يقع تأويلها في الخارج أفعالا بالجوارح تصدق أفعال القلوب، فعمل القلب هو الركن الرئيس في بنيان أي عقد إيماني، ولو باطلا، يحمل صاحبه على سفك الدماء وانتهاك الحرمات برسم الانتصار للديانات، فتلك سمة رئيسة في مناهج أهل الأهواء من أصحاب الملل الباطلة والنحل الحادثة، وتاريخ النصرانية، وهو أبرز مثال على ذلك، شاهد عدل على فساد العمل الظاهر فرعا على فساد الباطن، عقدا علميا، فالنفوس قد ارتضت مقالة تنقض بنيان التوحيد نقضا فماذا بقي من مادة صلاح للكون وقد أهدر الشرع وبطلت علوم الرسالة التوحيدية فاستبدلت مقالة التثليث بمقالة التوحيد، برسم: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) بل قد رضيت تلك النفوس مقالة تنقض قياس العقل نقضا فتأنف العقول الصريحة منها بما ركز فيها من ملكات العلوم الضرورية الراسخة التي لا يماري فيها إلا جاحد أو مسفسط فأسرار الديانة التي أحيطت بهالة من القداسة فصارت فرضية 1+1+1 = 1! مسلمة رياضية عقلية سليمة وصار العشاء الرباني الذي يتحول فيه الخمر والخبز إلى دم ولحم الإله! فتصيب البركة آكله فقد اختلطت أحشائه بناسوت الإله البشري فضلا عما ارتضته تلك العقول الضعيفة برسم التقليد المذموم من مقالات حادثة من قبيل تجسد الإله في بشر حادث أو تجسد وصفه الكامل في جسد ناقص بمقتضى الجبلة الآدمية فكل تلك المقالات تدل على فساد عظيم في قوى القلب العلمية فقبول ما تكره البدائه ضرورة برسم التسليم المطلق! مئنة من فساد قوى العقل الضرورية فيصير الجدال بنقل النبوات الصحيح مما تواطأ عليه الرسل عليهم السلام من مقالة التوحيد: عبثا لجحد المخالف لها برسم السفسطة مع أنها مسلمة نصية ضرورية برسم التواتر، فـ: (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، فهي مقالة تواطأت عليها النبوات جميعا فلها التواتر النقلي، وهي مقالة تواطئ قياس العقل الصريح برسم: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، فـ: (مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)، فما خلق الرب، جل وعلا، بصفاته الفاعلة برسم التعظيم بإضافة الفعل إلى ضمير الفاعلين فالخلق عملية مركبة من تقدير أول وإيجاد ثان بقدرة نافذة وحكمة بالغة بها يقع المقدور على ما قد علم أزلا برسم الإحاطة بالدقائق، فعلمه، جل وعلا، قد أحاط بما دق وجل من أعيان وأحوال العالم فكل بقدره الكوني النافذ مسطور في اللوح المحفوظ برسم الجزم فلا يجري عليه تبديل بل: (لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) فلا تبديل للقضاء الكوني المبرم، وكل بقدره النافذ موجود فخلقه الإيجادي في عالم الشهادة تأويل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير