تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من نصوص الرضا]

ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 11 - 2010, 03:46 ص]ـ

ومن نصوص الرضا:

ومن حديث: "إذا أراد الله بعبد خيرا أرضاه بما قسم وبارك له فيه":

فذلك من عموم الشرط في معرض تعليق وقوع المشروط على شرطه بغض النظر عن عين العبد الذي يقع عليه فعل الإرادة الربانية النافذة، فمادة الإرادة تنقسم إلى: شرعية حاكمة، وكونية نافذة، فالأولى متعلق الرضا وما يتفرع عليه من محبة الرب، جل وعلا، للفاعل، وذلك مما ينصرف بداهة إلى صفات جمال الرب، جل وعلا، فإن الشرع لا يأتي إلا بما يحبه الشارع، جل وعلا، فيكون ذريعة مشروعة لنيل آثار صفات جماله، والثانية متعلق القدرة فتعم ما يحب الرب، جل وعلا، وما يبغضه، فما كان من مقدور يحبه فهو، كما تقدم، متعلق آثار جماله فبه تستنزل الرحمات الكونية والشرعية، فـ: (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، فتلك الرحمات الكونية، وما كان من مقدور يبغضه فهو متعلق آثار جلاله فبه يوقع الرب، جل وعلا، ما شاء من العقوبات الكونية النافذة، فـ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فذلك من العذاب العاجل في دار الابتلاء، و: (لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فصدر السياق بلام الجواب التي تدل على قسم محذوف، فذلك مما يؤكد به الخبر، وزيد في التوكيد باتصال الفعل بنون التوكيد المثقلة ومادة الذوق تدل على وجدان طعم الشيء، فيعم الوجدان المعقول للعذاب المعنوي، والوجدان المحسوس للعذاب المادي، فذوق العذاب في معرض الوعيد يعم الجنسين، فلنذيقنهم من جنس العذاب الأدنى، فـ: "من" جنسية بيانية وفيها معنى التبعيض بالنظر إلى وقوع بعض صوره دون بعض، كما في ورد في تفسير الآية عند جمع من المفسرين كابن كثير والبغوي، رحمهما الله، فقيل هو: القتل يوم بدر، وقيل هو: إقامة الحدود، كما روي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وقيل: الدخان، فتلك صور بعينها لا تعم كل صور العذاب بداهة، وإن اشتركت كلها في معنى العذاب الجامع فهو معدن الألم النفسي أو الجسدي، وغالبا ما يقترن الجنسان فيقع العذاب على النفس برسم الإهانة وهو أعظمها، وعلى الجسد برسم الإتلاف، فتلك سنة الرب، جل وعلا، في تشديد العقوبة على أهل الكفر والعصيان، فيجتمع عليهم الهمان:

هم الروح التي تتألم بما نالها من عذاب: (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)، فالأمر في هذا السياق مئنة من الإهانة، وقد ذيل بلازمه من النهي عن الكلام، فالأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده كما قرر المحققون من أهل الأصول، فاصمتوا ولا تتكلموا، وذلك مظنة الإعراض عنهم، بالنظر إلى العموم الذي يشير إليه معنى الجمع في الضمير، فلم يستثن منهم أحد، وذلك مئنة من توجه الخطاب إلى الكفار الأصليين وأذنابهم من المنافقين والمرتدين فلا أمل لهم في النجاة بعدها فينقطع كلامهم، كما أثر عن ابن عمر، رضي الله عنهما، وليس ذلك بثابت في حق عصاة الموحدين ممن يدخلون النار برسم التأقيت، فيكلمهم الرب، جل وعلا، بعد الخروج منها، كما في حديث: "ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهْوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ ......... "، فيدخلون الجنة بعد حصول التطهير بكير النار الذي ينفي خبث معاصيهم فيبرز معدن التوحيد الكامن في نفوسهم فقد سترته حجب الشهوات العملية التي نالت من كمال إيمانهم الواجب ولم تنل من أصل إيمانهم فأصاب عقدهم العلمي ما أصابه من شؤم أعمالهم، فالعلم والعمل صنوان، فإذا اختل أحدهما ظهر أثر ذلك في الثاني لزوما، ولكن بقي لهم من العلم أصله فلم ينتف أصل الإيمان من قلبهم فمعهم الأصل العلمي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير