تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من حديث: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ .. "

ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 08 - 2010, 03:15 م]ـ

ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ:

فذلك من التوطئة بالقسم استحضارا للأذهان، وشحذا للعقول، فالقسم مئنة من عظم شأن المقسم به، فلا يقسم إلا بعظيم، ولا عظيم يقسم به البشر إلا ربهم، جل وعلا، فلم يشرع لهم قسم بغيره، فليس للمخلوق أن يقسم إلا بخالقه، جل وعلا، فلا يقسم بمخلوق، وإن عظم شأنه، وإن كان خير الخلق: محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالقسم به محظور، فليس في كلام أهل العلم إباحة لذلك، إلا وجها ضعيفا خرجه من خرجه من أهل العلم على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالأصل: مختلف فيه والراجح حظره فلا يتوسل بالذوات وإن شرفت، والفرع: آكد في باب الحظر، فالخلاف فيه أضعف بكثير، فلا يقسم بغير الله، عز وحل، وإن شرف، وأما الرب، جل وعلا، فيقسم بما شاء من مخلوقاته، ولا يقسم، عز وجل، إلا بعظيم، فأقسم بالشمس والقمر، فذلك قسمه بأجرام سماوية تدل بإتقان صنعتها وإحكام سننها الذي تجري عليه على عظم قدرته، جل وعلا، فآياته الكونية مئنة من نفاذ مشيئته جلالا وإتقان صنعته جمالا، وأقسم بنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يقسم ببشر غيره، فـ: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) على أصح قولي أهل العلم في المقسم به في هذه الآية فالمقسم هو الرب، جل وعلا، والمقسم به هو حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو المقسم هم الملائكة والمقسم به هو حياة لوط عليه السلام لورود الآية في بيان أمره مع قومه لما أرادوا إيذاء ضيفه، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله، والقول الأول هو الراجح المشهور، فذلك، أيضا، مئنة من عظم شأن رسوله الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فبعثه بخاتم رسالاته، فهي زبدة ما تقدمها من الرسالات، فجمعت من أخبارها ما جمعت، وزادت عليها ما زادت، فخبر النبوات عموما: أصدق خبر، وخبر النبوة الخاتمة خصوصا بما تكفل به الرب، جل وعلا، من حفظه: معدن الصدق، فلم يدخله ما دخل الكتب الأولى من التبديل، وحكم النبوات عموما: أعدل حكم، وحكم النبوة الخاتمة خصوصا: معدن الحكمة، فقد جمعت من أحكام ما تقدم من الكتب: محكمها، وزادت عليها ما زادت، فأحكامها أعدل الأحكام، فالنبوة: خبر يصدق، وحكم يمتثل، فتأويل الإيمان بالخبر: تصديقه على حد الجزم، وذلك تصديق يلزم منه تأويل الحكم بامتثاله، فلازم الإقرار الجازم علما: الامتثال الكامل عملا، فليس تصديقا مجردا عن دليله، كتصديق الجاحد الذي استيقن بقلبه وأبى الانقياد بظاهره، فقوله: قول مجرد في القلب دون عمل باطن من محبة وخوف يحمل صاحبه على الفعل رغبة والكف رهبة، فذلك تأويل عقد الإيمان في القلب، ولا ينفك عن تأويله في الظاهر قولا باللسان وعملا بالأركان، فيكتمل عقد الإيمان بالنبوات، التي أقسم الرب، جل وعلا، بآخر حامليها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقسمه به مئنة من عظم الرسالة الخاتمة فهي الرسالة العالمية بقرينة ما يأتي من قيام الحجة العامة ببلوغ خبر الرسالة، فذلك من البيان العام، فحده حد آيات من قبيل: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)، فالموصول مئنة من العموم، فيشمل سائر من بلغته الرسالة الخاتمة على وجه تقوم به الحجة الرسالية البالغة، و: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)، فهي مركز الأرض، فمن حولها: موصول آخر يعم كل الأمم حولها، شرقيها وغربيها، عربيها وأعجميها، أبيضها وأسودها ..... إلخ، و: (اصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ): فإطلاق الفعل مئنة من العموم، فاصدع بما تؤمر فذلك من الصدع العام، فلم يقيد بخبر دون آخر، أو حكم دون آخر، بل اصدع بكل ما أمرت ببلاغه من الأخبار والأحكام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير