تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من حديث: "إن قلوب بني آدم .... "]

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 08 - 2010, 04:02 م]ـ

من حديث: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمان كقلب واحد يصرفها كيف يشاء ثم قال عليه السلام: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك:

فذلك من التوكيد بالناسخ، واسمية الجملة فضلا عن التوكيد اللفظي بـ: "كلها"، وعرفت القلوب بالإضافة إلى بني آدم، فهم محط التكليف بحمل الأمانة، فليس المراد بالقلوب المضغ المحسوسة التي تنبض في الصدور، فتلك توجد في صدور الطير والوحش، وأفعال الطير والحيوان، وإن كانت كلها مخلوقة بمشيئة الرب، جل وعلا، سواء أكانت اختيارية أم اضطرارية، إلا أنها ليست محل تكليف، وإن وقعت منها أفعال تأله وعبودية، فـ: (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)، بخلاف أفعال المكلفين من الآدميين، فهي محل تكليف، إن كانت اختيارية لا اضطرار فيها بخطأ أو نسيان أو إكراه، فـ: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به"، فرفع الحكم لا الفعل فما وقع من الأفعال لا يرفع بداهة، فدل السياق بدلالة الاقتضاء على محذوف يستقيم به الكلام، فرفع الله، عز وجل، حكم الفعل لا عينه، وذلك إجمال آخر، يلزمه مزيد بيان، فإن الحكم المرفوع جنس تندرج تحته أنواع، أو نوع تندرج تحته أفراد، ولا مشاحة في الاصطلاح، فتحته: التكليفي الذي يتعلق به الثواب والعقاب، فذلك هو المرفوع، والوضعي الذي يتعلق بقيم المتلفات، فذلك الموضوع فلا يرفع، فيلزم المخطئ والناسي قيم متلفاته وديات جناياته وأروش جراحاته، وإن كان غير آثم، والشاهد أن أفعال العباد من جهة الأمر الكوني كأفعال الحيوان فكلها خاضعة للمشيئة الربانية النافذة، فما شاء الرب، جل وعلا، منها كان، وما لم يشأ لم يكن، فهو خالق الذوات والأحداث التي تقوم بها اضطرارا واختيارا، فحركات القلب منها الاضطراري كحركة المضغة خفقانا، وحركة الدم جريانا، ومنها الاختياري كحركة النفس في المعقولات فكرا، وحركتها في المحسوسات تخييلا، فقوى التخييل والتفكير مما يستدعيه المكلف اختيارا، فيستحضر ما شاء من الصور المختزنة في ذاكرته، ليعالجها قلبه بقوى الفكر فيولد منها تصورات وإرادات يظهر أثرها على اللسان والأركان ضرورة، فاعتقاد الباطن لا بد أن يؤثر في الظاهر قولا وفعلا، فذلك من التلازم بمكان، وإنكاره: سفسطة وجحد للضرورات العقلية التي أجمع عليها عامة العقلاء من كل الأمم، فلا يتصور ظاهر مقطوع الصلة والنسبة إلى الباطن، فمهما تجمل أصحاب البواطن الخربة، فلا بد أن يظهر فساد باطنهم على ظواهرهم ولو فلتات قولية أو فعلية، فتجريد ظاهر لا علاقة له بالباطن بيانا لمجمل النفوس، وباطن لا علاقة بالظاهر فهو منشأ حركاته وسكناته، وتجويز وقوع باطن سليم التصورات والإرادات لا يؤثر في الظاهر مع صحة آلاته وانتفاء عوارض الأهلية، فيكون الباطن في غاية الصلاح، والظاهر في غاية الفساد، في تناقض محض تقطع فيه الصلة الضرورية بينهما، كل أولئك من المحالات العقلية التي وقع فيها من وقع من المتكلمين الذين أخرجوا القول والفعل من مسمى الإيمان فلا يدل عليهما تضمنا، بل لزوما، بل قد قال بعضهم: لا يدل عليه على وجه تحصل به نسبة بينهما، بل هو خارج عن ماهيته تضمنا أو لزوما، وإنما هو ثمرته، وماهية الثمرة تباين ماهية الشجرة، والقول والعمل ثمرة الإيمان فعلا، فيصح هذا القول من وجه، ولكنها ليست ثمرة مقطوعة لا نسبة بينها وبين أصلها، بل هي جزء رئيس وركن ركين منه، فدلالة الإيمان على أجزائه: الاعتقاد والقول والعمل: دلالة مطابقة فهو اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان، ودلالته على بعضها: دلالة تضمن، فيدل على الاعتقاد بمفرده، أو الاعتقاد والقول معا، أو الاعتقاد والعمل معا ..... إلخ من الصور الجزئية يدل عليها: دلالة كل على جزئه، وحركات القلب منها الاختياري، كحركة القلب في المعقولات والمحسوسات، كما تقدم، وتلك هي محل التكليف، فتقع بإرادة المكلف، فبها يناط الثواب والعقاب، إلا ما كان خاطرة ترد اضطرارا فيدافعها صاحبها باستعاذة تذهب هاتف الشر الشيطاني فهو مؤثر خارجي، واستغفار يقمع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير