تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من حديث: "إن الله يحب البصر النافذ ........ "]

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 11 - 2010, 03:17 ص]ـ

في بعض المراسيل:

"إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند حلول الشهوات":

فصدر السياق بالمؤكد على ما اطرد مرارا من استرعاء انتباه المكلفين بالتراكيب اللفظية التي تدل على معان تثير قوى الذهن فتشحذ رجاء نيل المعلوم الذي صدر سياقه بالتوكيد.

فيحب، جل وعلا، على جهة المضارعة البصر النافذ، فذلك مئنة من تجدد الوصف بتجدد سببه، فهو من الوصف الفعلي الذي يتعلق بالمشيئة الربانية النافذة، فيحب إذا وجد سبب الحب، ويبغض إذا وجد سبب البغض، فهو، أيضا، مما علق على سببه وجودا وعدما، فيدور معه دوران الحكم مع علته، وذلك، كما تقدم في مواضع سابقة، مئنة ظاهرة من حكمة الرب، جل وعلا، البالغة، فالكون والشرع، كلاهما، على سنن محكم يجري، وحب الرب، جل وعلا، مما يشاكل حب العبد في المبنى وأصل المعنى فيقع الاشتراك بينهما من هذا الوجه، فالمشاكلة ليست لفظية من كل وجه فذلك ذريعة إلى نفي معاني الصفات برسم التعطيل أو التفويض لمعانيها التي يدركها العقل، فالتفويض إنما يصح لحقائق الصفات خصوصا، ولحقائق الغيبيات من إلهيات وسمعيات عموما، فذلك مما لا يدركه العقل والحس، فمدارك الحس الباطن والظاهر لا تدرك حقائق الغيب في الخارج وإلا بطل التكليف فقد صار الغيب: شهادة، بتكييفه في العقل، أو مشاهدة نظير له في الخارج، أو خبر صادق عنه، فتلك مصادر المعرفة عند أهل النظر، فإذا امتنعت كلها في هذا الباب، فلا يدرك العقل منه إلا المعاني الكلية المطلقة في الذهن، فلا مناص من التسليم في باب الحقائق، فلا مطمع في دركها، فهي مناط الابتلاء في قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)، فصدر الوصف أو البدل في معرض البيان لإجمال أوصاف المتقين، بالإيمان بالغيب على جهة التعريف بالموصول فالمدح قد علق بالمعنى الذي اشتقت منه صلته التي جاءت على حد المضارعة استحضارا للصورة ومئنة من تجدد الوصف فتلك حالهم المطردة، فالكتاب الخاتم، فـ: "أل" في الكتاب: عهدية ذهنية تشير إلى كتاب بعينه هو الكتاب العزيز آخر الكتب تنزلا، بما فيه من أخبار غيبية وأحكام شرعية: هدى نكر تعظيما للمتقين خصوصا ولغيرهم عموما، بالنظر إلى معنى الهداية العامة: هداية الدلالة والإرشاد فلا يلزم من اختصاصهم بالذكر تنويها بشأنهم وتعريضا بغيرهم فغيرهم بدلالة المفهوم ليسوا بمتقين فليس بهدى لغير المتقين، لا يلزم من ذلك اختصاصهم بالحكم دون غيرهم فهداية الدلالة مبذولة لكل أحد فذلك من عموم وعالمية الحجة الرسالية الخاتمة، وهي لهم وحدهم بالنظر إلى معنى الهداية الخاصة: هداية التوفيق والإلهام، فهو هدى لأولئك المتقين الذين يؤمنون بالغيب وإن حارت عقولهم في تخريجه، فقد يظهر، بادي الرأي، محالا عقلا أو باطلا شرعا أو مئنة من فساد مقالة الوحي، فلا يزيد المنافقين إلا نفاقا فهو حقهم عقوبة، فـ: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)، فعجزت عقولهم عن فهمه لا لكونه محالا فذلك مما لا يتعلق به تكليف وإنما لفساد تصوراتهم وإراداتهم فقد انصرفوا عن عقل معاني التنزيل فكان فتنة لهم كما قد عجزت عقول العلمانيين في زماننا عن فهم كثير من نصوص الشريعة لسوء النية المبيت وفساد العقل واللسان فليس لهم من لسان العرب أو أصول الفهم نصيب فكان انحسار الإسلام في زماننا، أيضا، ابتلاء أظهر الرب، جل وعلا، به ما يعتمل في صدورهم من نفاق يحاكي نفاق أسلافهم ممن كذب بخبر الوحي وتولى عن امتثال أمره، وفي المقابل كان ذلك نعمة في حق المؤمنين بحصول كمال الإيمان والتسليم حال اشتداد الابتلاء فـ: (لَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)، فلم يزدهم الابتلاء إلا تصديقا وإيمانا، فصدق الله ورسوله على جهة الماضوية فهي مئنة من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير