لذلك نجد ارتباط أسماء بعض رواة الشعر العربي بقضية الانتحال. وحقاً أن الشِعر - كما الصورة - يدلّ بمكوناته الحسّية والمعنوية على شخصية القائل.
ـ[أنوار]ــــــــ[28 - 11 - 2010, 01:59 ص]ـ
أستاذنا السراج ..
وافر تقديري لمروركم الكريم
لعله لا يكون في عالم الشعر أن تقترب لغة شاعر من آخر، وهذا ما دهاهم للقول بمصطلح السرقات الشعرية، وقد رفض بعض النقاد هذا المسمى كابن قتيبة؛ الذي رفض إطلاق هذا الاسم على الشعراء الإسلاميين مستبدلا إياها بلفظتي .. الأخذ والاتباع.
ـ[أنوار]ــــــــ[02 - 12 - 2010, 09:19 م]ـ
يتبع
وإذا أردنا أن نحقق المسألة تحقيقًا يعود بها إلى جذورها،
وجدنا ذلك الأمر اللُّغوي مردودًا إلى أمر آخر هو انبثاق المعاني وانبعاثها في النفوس، وإنما تكون على هيئات خاصة، وصور خاصة، تتكاثر وتستفيض وتزخر كل نفس بما تزخر به منه،
وهي مع هذه الكثرة، وهذا الفيض، تتباعد أو تتقارب، وتتشابه أو تتباين، ولكنها لا تتطابق أبدًا.
وما قام معنى واحد على هيأة واحدة في نفسين مختلفتين من نفوس البشر من يوم أن نفخ الله في طينة آدم
إلى يومنا هذا، وإلى يوم أن يرث الله الأرض. ولا تجد معنى واحدًا مما سماه العلماء " صورة "
يتكرر قيامه في نفس واحدة.
والمعاني التي نتكلم عنها هنا غير التي ذكرها أهل العلم في باب إغارة الشعراء بعضهم على بعض،
وأخذ بعضهم من بعض؛ لأنهم أرادوا أصل المعنى المخترع، أما هيئاته وصوره فلا توجد إلا في معنى اللفظ الذي نطق به الشاعر.
والمهم هنا هو أن التباين القائم لا محالة بين صور المعاني المتولِّدة من الألفاظ،
هو نفسه التباين القائم بين صور المعاني المتولِّدة في القلوب؛
لأن بنية الكلام في جوهرها بِنية خواطر وأفكار ومعان،
واللغة في الفؤاد، وليست في اللسان، والبلاغة بلاغة القلوب وليست بلاغة الأشداق ...
وأحوال اللغة وخصائص بلاغتها هي أحوال الإنسان، الذي أضمر نفسه وقلبه وعقله وجوهره في هذا الكلم الذي علمه الله إياه.
ولا تظن أننا في شيء من ذلك .. نتجاوز سبيل ما قاله سلفنا لأنهم ذكروا ما هو أبين، فقد ذكر عبد القاهر الرابطة بين قوانين نحو العربية، وطبائع الأقوام الذين رققوها وصقلوها، وأن ما يوجب النحاة تقديمه، إنما هو منتزع من مغارسه في فطرة العرب وسليقتهم حيث لا يكون فيها إلا مقدَّما،
وقوانين النحو في جوهرها قوانين ذهنية، وعادات عقلية، تصف مزاج الأمة وطرائق تناولها ..