قلت: قول أحمد توثيق لموسى بن وردان؛ فإنه بمنزلة قوله: " صالح "؛ فقد قال الميموني: (سئل أحمد عن الحكم بن عطية؟ فقال: " لا أعلم إلا خيراً "، فقال له رجل: حدثني فلان عنه عن ثابت عن أنس: " كان مهر أم سلمة متاعاً قيمته عشرة دراهم "، فأقبل أبوعبدالله يتعجب، وقال: " هؤلاء الشيوخ لم يكونوا يكتبون، إنما كانوا يحفظون، ونسبوا إلى الوهم، يسمع أحدهم الشيء يتوهم فيه ").
ثم بعد ذلك كان إذا سُئل عنه قال: " كان عندي صالح الحديث حتى وجدت له حديثاً أخطأ فيه ".
وقول أبي حاتم والدارقطني ويعقوب بن سفيان الفسوي والبزار توثيق له أيضاً؛ فقد قال ابن حجر في " تعجيل المنفعة " (ص 14) في إبراهيم بن أبي حرة: " وثقه أبوحاتم؛ فقال: لا بأس به ".
وقال ابن معين: " إذا قلتُ: ليس به بأس؛ فهو ثقة "، وليس هذا باصطلاح خاص به، وأيضاً فإنه لا يدل على أن " لا بأس به " تساوي " ثقة "، وإنما الأمر كما قال العراقي في " فتح المغيث " (ص 174): (لم يقل ابن معين: إن قولي " لا بأس به " كقولي " ثقة " حتى يلزم منه التساوي بين اللفظين، إنما قال إن من قال فيه هذا فهو ثقة، وللثقة مراتب، فالتعبير عنه بقولهم: " ثقة " أرفع من التعبير عنه بقولهم: " لا بأس به " وإن اشتركا في مطلق الثقة ".
فالراجح عندي أنه حسن الحديث، وأما قول ابن حبان فتشدد منه - كما هي عادته -.
- وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة.
روي عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، مرفوعاً، ولا يصح؛
فقد رواه: عمرو بن أبي سلمة، قال: حدثنا صدقة بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الأنصاري، عن سعيد بن يسار، به.
أخرجه الحاكم في " المستدرك " (4/ 171)، وقال: " صحيح إن شاء الله "!
قلت: بل ضعيف؛ صدقة بن عبد الله، قال أحمد: " ما كان من حديثه مرفوعاً فهو منكر ".
وقال أيضاً: " ليس يسوى شيئاً أحاديثه مناكير ".
وقال مسلم: " منكر الحديث ".
وقال ابن معين والبخاري وأبوزرعة والنسائي: " ضعيف ".
وأيضاً فإن إبراهيم بن محمد الأنصاري قال ابن عدي: " روى عنه عمرو بن أبي سلمة مناكير ".
وتابع إبراهيمَ بن محمد: صفوان بن سليم.
أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (1/ 107)، وابن وضاح في " البدع والنهي عنها " (100 - 101/ 129)، وأبونعيم في " حلية الأولياء " (3/ 165)، والقطيعي في " جزء الألف الدينار " (437/ 292)، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (740)، و " مساوئ الأخلاق " (242/ 692)، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/ 724 / 1207)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (7/ 55 / 9438)، وأبو طاهر السلفي في " معجم السفر " (266 - 267/ 884)، وابن عساكر في " ذم قرناء السوء " (41 - 43/ 5)، وابن حجر في " الأمالي المطلقة " (ص 152) من طريق: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، به.
وهذا الإسناد موضوع؛ إبراهيم بن أبي يحيى، قال علي بن المديني: " كذاب ".
وقال يحيى بن سعيد: " كذاب ".
وقال أحمد: " لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه؛ كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه ".
وقال ابن معين: " ليس بثقة ".
وقال أبوزرعة: " ليس بشيء ".
وقال أبو نعيم: " غريب من حديث سعيد وصفوان، تفرد به عنه فيما قيل [إبراهيم بن محمد الأيلي] "!
قلت: بل تابعه: محمد بن سعيد بن بنت الأعمش، عن صفوان، به.
أخرجه ابن المقرئ في " المعجم " (247/ 832)، والجوهري في " الجزء الثاني من حديث أبي الفضل الزهري " (1/ 154 / 105)، وابن بطة في " الإبانة " (1/ 134 / 357)، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (3/ 195).
ومحمد بن سعيد بن بنت الأعمش هذا لم أقف على ترجمته.
وخالفهما: إبراهيم بن طهمان، فرواه: عن صفوان بن سليم، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
ذكره الدارقطني في " العلل " (8/ 324)، وقال: " المعروف: من رواية موسى بن وردان عن أبي هريرة ".
وللحديث شاهدان من حديث: عائشة وسهل بن سعد.
أولاً: حديث عائشة.
رواه: الحكم بن عبد الله، عن القاسم، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ".
أخرجه ابن عساكر في " ذم قرناء السوء " (39 - 41/ 4)، وقال: " غريب ".
قلت: هذا الإسناد موضوع؛ الحكم بن عبد الله هو الأيلي، قال أحمد: " أحاديثه كلها موضوعة ".
وقال أبوحاتم والسعدي: " كذاب ".
وقال ابن أبي الحواري: " ليس يعرف بدمشق كذاب إلا رجلين: الحكم بن عبد الله الأيلي، ويزيد بن ربيعة بن يزيد ".
وقال ابن معين: " ليس بثقة ".
وقال النسائي والدارقطني: " متروك ".
ثانياً: حديث سهل بن سعد.
رواه: سليمان بن عمرو النخعي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى مثل ما ترى له ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3/ 1097).
وهذا الإسناد موضوع؛ سليمان بن عمرو النخعي، قال أحمد: " كان يضع الحديث ".
وقال ابن معين: " معروف بوضع الحديث ".
وقال أيضاً: " كان أكذب الناس ".
وقال قتيبة وإسحاق: " معروف بالكذب ".
وقال ابن عدي: " أجمعوا على أنه يضع الحديث ".
والحمد لله رب العالمين
وكتب
أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي
عصر الثلاثاء: 9 / شعبان / 1426 من الهجرة النبوية
على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم
¥