تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و لكن عليه أن يمسك عن الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين، إلا إن صادف ذلك صوما كان يصومه فلا حرج عليه، كمن عادته صيام الاثنين و الخميس فصادف آخر شعبان فلا حرج عليه في الصوم، و يدل لهذا قول النبي صلّى الله عليه و سلّم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم و لا يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه)) [أخرجه البخاري في الصوم/ باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم و لا يومين (1914)، و مسلم في الصيام/ باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين (1082) عن أبي هريرة رضي الله عنه. و اللفظ لمسلم].

كما أن من صح عنده حديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) حمل النهي على من لم يكن له عادة بالصوم، فإن كان له عادة فلا حرج أن يصوم في النصف الثاني من شعبان [انظر: فتح الباري لابن حجر (215/ 4)].

قال ابن عبد البر: "و استحب ابن عباس و جماعة من السلف -رحمهم الله- أن يفصلوا بين شعبان و رمضان بفطر يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة و النافلة بكلام، أو قيام أو مشي، أو تقدم أو تأخر من المكان" [الاستذكار (371/ 3)].

المطلب الأوّل: في تخريج حديث ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))

هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد (442/ 2)، و أبو داود (2337)، و النسائي في السن الكبرى (2923)، و الترمذي (738)، و ابن ماجة (1651)، و الدارمي (1691)، و عبد الرزاق (7325)، و ابن أبي شيبة (21/ 3)، و ابن حبان (3589) و (3591)، و الطحاوي في شرح معاني الآثار (82/ 2)، و البيهقي (209/ 4) كلهم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه و سلّم.

قال النسائي: "لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير العلاء بن عبد الرحمن"، و قال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، فهو مثال للحديث الغريب.

المطلب الثّاني: في ذكر من صححه و ضعفه من العلماء

اختلف العلماء في هذا الحديث بين مصحح له و مضعف، فممن صححه الترمذي، إذ قال فيه: حديث حسن صحيح، وابن حبان؛ حيث أخرجه في صحيحه، و أبو عوانة [انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي رقم (55)]، و الطحاوي، و ابن عبد البر [الاستذكار (239/ 10)]، و الموفق بن قدامة [نقله عنه ابن مفلح في الفروع (118/ 3) و من المعاصرين: الشيخ أحمد شاكر [في تعليقه على تهذيب السنن (225/ 3)]، و الشيخ ابن باز، و الشيخ الألباني [صحيح الجامع (397) قالوا: "إسناده على شرط مسلم".

و ممن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي، و الإمام أحمد، و أبو زرعة الرازي، و الأثرم [لطائف المعارف (ص142)]، و الخليلي [الإرشاد (219/ 1)]، و الذهبي [سير أعلام النبلاء (187/ 6)]، و ابن رجب [لطائف المعارف (ص142)].

قال الإمام أحمد: "هذا الحديث غير محفوظ، و سألت عنه ابن مهدي فلم يصححه، و لم يحدثني به، وكان يتوقاه، وقال: العلاء ثقة، لا ينكر من حديثه إلا هذا" [سؤالات أبي داود (2002)، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح كتاب الصيام من العمدة عن حرب عن الإمام أحمد (649/ 2)].

و قال البرذعي: "شهدت أبا زرعة الرازي ينكر حديث العلاء بن عبد الرحمن ((إذا انتصف شعبان)) و زعم أنه منكر" [سؤالات البرذعي لأبي زرعة ضمن كتاب جهود أبي زرعة في الحديث (388/ 2)].

و قال أبو داود: "أنكروا على العلاء صيام شعبان" [تهذيب التهذيب (346/ 3) ط/ الرسالة].

المطلب الثّالث: في ذكر ما أعل به الحديث

هذا الحديث أُعِلَّ بثلاث علل:

العلة الأولى: تفرد العلاء به.

و قد سبق كلام النسائي و الترمذي في ذلك، و قال ابن القيم: "لم يتابع العلاء عليه أحد، بل انفرد به عن الناس، و كيف لا يكون معروفا عند أصحاب أبي هريرة، مع أنه أمر تعم به البلوى، و يتصل به العلم؟! " [تهذيب السنن (223/ 3)].

و أجيب عن هذا من وجهين:

الوجه الأول: أن هذا التفرد لا يضر؛ لأنه من ثقة، قال ابن القيم: "وأما المصححون له، فأجابوا عن هذا بأنه ليس فيه ما يقدح في صحته، و هو حديث على شرط مسلم، و قد أخرج مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، و تفرده به تفرد ثقة بحديث مستقل، و له عدة نظائر في الصحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير