تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالوا: و التفرد الذي يعلل به هو تفرد الرجل عن الناس بوصل ما أرسلوه، أو رفع ما وقفوه، أو زيادة لفظة لم يذكروها، و أما الثقة العدل إذا روى حديثا وتفرد به لم يكن تفرده علة، فكم قد تفرد الثقات بسنن عن النبي صلّى الله عليه و سلّم عملت بها الأمة! " [تهذيب السنن (223/ 3_224)].

الوجه الثاني: أن العلاء لم يتفرد به، بل تابعه محمد بن المنكدر، كما عند الطبراني في الأوسط (1936)، وابن عدي في الكامل (226/ 1).

و لكن هذا الجواب غير مسلم، بل عليه أجوبة:

أولا: قول ابن القيم: إنه على شرط مسلم، فهو كذلك، و لكن من شرط الحديث الصحيح -زيادة على اتصال إسناده وثقة رواته- سلامته من الشذوذ و العلة، و هذا الحديث لم يسلم من الشذوذ، كما سبق عن عبد الرحمن بن مهدي و الإمام أحمد.

و أما رواية مسلم عنه في صحيحه، فالجواب عنه قول الخليلي: "قد أخرج له مسلم في الصحيح في المشاهير من حديثه، دون هذا و الشواذ" [الإرشاد (219/ 1)].

ثانيا: أن العلاء ليس في الدرجة العليا من الثقة، قال فيه أبو زرعة: "ليس هو بأقوى ما يكون" و قال أبو حاتم: "صالح روى عنه الثقات، و لكن أنكر من حديثه أشياء" [انظر: تهذيب التهذيب (346/ 3)].

و لذلك قال فيه الذهبي: "صدوق مشهور" [ميزان الاعتدال (102/ 3) و قال فيه ابن حجر: "صدوق ربما وهم" [تقريب التهذيب رقم (5247)]. فحديثه من درجة الحسن، و لذلك قال الذهبي فيه: "لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، لكن يتجنب ما أنكر عليه" [سير أعلام النبلاء (187/ 6)]، و هذا الحديث مما أنكر عليه الأئمة.

ثالثا: متابعة ابن المنكدر لا يفرح بها؛ فالطبراني رواه من طريق عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن يعقوب الحرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، و هذا الإسناد فيه علتان:

الأولى: عبد الله بن المنكدر، فهو مجهول، يروي عن أبيه ما لا يتابع عليه [انظر: الضعفاء للعقيلي (303/ 2)، ميزان الاعتدال (508/ 2)].

الثانية: أن أباه المنكدر بن محمد لين الحديث [انظر: الكاشف (5745)، و التقريب (6916) قال أبو حاتم: "كان رجلا صالحا لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه" [تهذيب الكمال (564/ 28)].

و روايته هنا عن أبيه، و إلى هذا أشار الطبراني بقوله بعد الحديث: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد به ابنه عبد الله".

و أما إسناد ابن عدي فهو أشد ضعفا من إسناد الطبراني؛ لأن فيه محمد بن إبراهيم، رماه بالكذب الإمام مالك ويحي بن سعيد، و قال فيه أحمد: "قد ترك الناس حديثه، كان قدريا معتزليا، وكان يروي أحاديث منكرة، ليس لها أصل" [الكامل (226/ 1)].

العلة الثانية: مخالفة هذا الحديث لما هو أصح منه، كحديث: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه))، و هو في الصحيحين.

و بهذا أعله عبد الرحمن بن مهدي و أحمد، قال أبو داود: "وكان عبد الرحمن لا يحدث به، قلت لأحمد: لِمَ؟ قال: لأنه كان عنده أن النبي صلّى الله عليه و سلّم كان يصل شعبان برمضان، و قال عن النبي صلّى الله عليه و سلّم خلافه" [سنن أبي داود (2337)، ومسائل أبي داود (2002) و قال الأثرم: "الأحاديث كلها تخالفه" [لطائف المعارف (ص142)].

و أجاب المصححون للحديث عن هذه العلة بأن المخالفة ليست من كل وجه، بل يمكن الجمع بين هذا الحديث و غيره مما يعارضه، و الجمع بين النصوص و إعمالها جميعا أولى من إسقاط بعضها؛ بترجيح بعضها على بعض، و أوجه الجمع كثيرة، منها:

الوجه الأول: قول الترمذي: "و معنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم، أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم؛ لحال شهر رمضان، و قد روي عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه و سلّم ما يشبه قولهم؛ حيث قال صلّى الله عليه و سلّم: ((لا تقدموا شهر رمضان بصيام، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم)) و قد دل في هذا الحديث أنما الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان" انتهى من السن.

الوجه الثاني: أن النهي في حديث العلاء محمول على نفي الفضيلة، وغيره محمول على بيان الجواز [نقله ابن مفلح في الفروع (118/ 3) عن ابن قدامة].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير