تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين) قيل أن المعنى في هذا: إذا كان لمعنى رمضان، إذا تقدم رمضان بيوم أو يومين احتياطاً لاحتمال أن يكون من رمضان فهذا هو الممنوع فإن قيل جاء في جامع أبي عيسى وغيره من حديث العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب الحرقي مولاهم عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح،قد صححه جماعة أبو داود وغيره، الجواب عن هذا الخبر منهم من حمل إذا انتصف شعبان فلا تصوموا إذا كان بقصد الاحتياط لرمضان هو الذي ذكره الإمام أبو عيسى رحمه الله تعالى حول هذا الخبر حين قال: لمعنى رمضان. أما إذا أراد أن يستكثر من الصيام في شعبان أو أراد أن يصوم يوماً ويفطر يوماً فلم ينه عن ذلك أحد ومنهم من قال: بأن هذا الخبر منكر ومعلول بعلتين:

العلة الأولى: أنه مخالف للأحاديث الواردة في الصحيحين كحديث أبي هريرة " لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين ".

العلة الثانية: أن العلاء قد تفرد به، وذكر هذا الخبر يحي بن معين وأحمد وأبو حاتم وجماعة من الحفاظ بل طعن الإمام أبو حاتم رحمه الله في العلاء لروايته هذا الخبر، العلاء رحمه الله ثقة قد خرج له الإمام مسلم رحمه الله في روايته عن أبيه عن أبي هريرة ما لا يقلّ عن خمسين حديثاً، والحافظ لا يضعف في روايته ما ينكر من حديثه ما لم يكثر ويكن الغالب عليه رواية المنكرات ثم أنه يتضح من هذا أن التضعيف كان لمعنى المتن وهذا هو الذي أشار إليه الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه حين ذكر هذا الخبر وقال: وهذا عندي ليس بخلافه أي بخلاف حديث " لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين "، ويحمل هذا على معنى، وذاك على معنى بما يتوافقان ولا يتعارضان وإن كان الأكثر من المحدثين يضعفون حديث العلاء في هذا الباب ولا يضعفونه مطلقاً بل الأكثر يحتجون به باستثناء هذا الخبر في هذا الباب.

ومفهوم هذا الحديث أنه يجوز تقدم رمضان بثلاثة أيام، وقال بعض العلماء أي ولو كان لمعنى رمضان، وهذا فيه نظر لأنه إذا وجدت العلة حتى لو انتصف شعبان إذن لا مفهوم لهذا الخبر مع وجود العلة وما دامت العلة موجودة فسواء تقدم رمضان باسبوع أو بأسبوعين ولكن الأكثرية قد يتقدمون رمضان إذا كان لمعنى رمضان بيوم أو يومين فنبه على هذا الأمر، ولذلك قيل أنه قد يحصل الشك بيوم أو يومين وذلك بحصول الغيم ونحو ذلك، ومنهم من قال أن ذكر اليوم واليومين لئلا يختلط صوم الفرض بصوم النفل، وقيل غير ذلك والصواب ما تقدم التعليل به، استثنى من هذا الحديث قوله (ألا يوافق ذلك صوماً كان يصومه أحدكم)، أي كأن يصوم أحدكم يوماً ويفطر يوماً وهذا أفضل الصيام، أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً في الحديث الصحيح، أو أراد أن يصوم الفرض الواجب عليه، أو كان هذا صيام نذر وهذا الاستثناء قد يُحتج به على منع تقدم الشهر بيوم أو يومين ما عدا ما استُثنى لأنه قد يقال ما فائدة الاستثناء إذا كنا نضيف أمراً آخر غير المذكور.

الجواب: أن التعليل السابق لا ينافي هذا الاستثناء فإن قول " ألا يوافق ذلك صوماً " علم أنه ما لم يقصد لمعنى رمضان فيلحق بما يوافق صوماً ما كان بمعناه وإلحاق النظير بنظيره أمر مطلوب، وهذه حقيقة الفقه فلا يمكن أن نغير بين متماثلين ولا أن نجمع بين متناقضين وقوله (أحدكم) فيه جواز إطلاق (أحد) في الإثبات، لأن بعض العلماء يمنع من إطلاق (أحد) إلا في سياق النفي أو النهي،وعند الإثبات فلا تطلق إلا على الله جل وعلا وقد جاءت في أحاديث كثيرة إطلاق (أحد) حتى في الإثبات وإن كان قد يجيب المعارض بأنه إلا إذا دلت قرينة، وهنا دلت قرينة وذلك في قوله " كان يصومه أحدكم" فهؤلاء يمنعون أن تقول: في البيت أحد، ولكن لا يمنعون أن تقول: ليس في البيت أحد، لأنه في سياق النفي وهم يفرقون بين الإثبات وبين النفي وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين " قال: إلا أحد، وهذا في الإثبات.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير