قال الطبراني عقبه: «لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا عبدالملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بن بهرام».
وعلي بن بهرام راويه ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد، وأورد له هذا الحديث وحديثًا آخر، ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلاً.
وعبدالملك بن أبي كريمة شيخه صدوق، وهو مغربي قدم مصر، وتفرده عن ابن جريج، مع تفرد علي بن بهرام عنه= مما يستنكر، خاصة أنه خولف عن ابن جريج:
فقد أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (7906) عن ابن جريج، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، قال: «من فطَّر صائمًا؛ أطعمه وسقاه؛ كان له مثل أجره»، موقوف.
إلا أنه أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 225) من طريق إبراهيم بن محمد الصنعاني، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 221) من طريق محمود بن غيلان، والبيهقي في شعب الإيمان (3668) من طريق أحمد بن الأزهر؛ ثلاثتهم (إبراهيم بن محمد ومحمود بن غيلان وأحمد بن الأزهر) عن عبدالرزاق، به، فرفعوه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والظاهر أن رفعه خطأ من عبدالرزاق حال حدَّثهم بالحديث، لأنه كان يغلط بأخرة بعدما عمي، وما في مصنَّفاته وكتبه أصح من غيره، قال أحمد -كما في تهذيب الكمال (18/ 57، 58) -: (هؤلاء سمعوا بعد ما عمي، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتبه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه، كان يلقنها بعد ما عمي)، وقال: (من سمع من الكتب فهو أصح).
ورواية المصنَّف بالوقف أصح؛ لأن الدَّبري راوي المصنف إنما روى كتاب عبدالرزاق، لا حديثه من حفظه.
ثم في هذا الإسناد علة مرفوعًا وموقوفًا؛ فإن ابن جريج من المدلسين، ولم يصرح بتحديثه، وقد أبان العقيلي عن علة الحديث، فقال -في الضعفاء (1/ 225، 226 = 1/ 579 ط. السرساوي) -: (لم يبين ابنُ جريج فيه السماعَ من صالح، أحسب أن حجاج بن محمد يرويه عن ابن جريج، عن إبراهيم بن محمد، عن صالح)، فنقل العقيلي بظنِّه -وهو الإمام الحافظ- أن حجاج بن محمد رواه عن ابن جريج بغير تدليس؛ ذاكرًا الواسطة بينه وبين صالح مولى التوأمة، وهو: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك مشهور الترك والضعف الشديد.
وللحديث رواية أخرى موقوفة عن أبي هريرة:
أخرجها عبدالرزاق في مصنفه (7908) عن عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة؛ دعته امرأة ليفطر عندها، ففعل، وقال: «إني أخبرك أنه ليس من رجلٍ يفطر عند أهل بيت إلا كان لهم مثل أجره»، فقالت: وددت أنك تتحين -أو نحو ذلك- لتفطر عندي، قال: «إني أريد أن أجعله لأهل بيتي».
إلا أن في عمر بن راشد كلام، وقد قال أحمد -كما في تهذيب الكمال (21/ 341) -: (حدَّث عن يحيى بن أبي كثير بأحاديث مناكير)، ونصَّ على ضعف حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة غير واحد.
ثم رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة مرسلة.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[09 - 09 - 09, 04:42 م]ـ
4 - حديث عائشة:
# التخريج:
أخرجه الطبراني في الأوسط (7136، 8438) من طريق كثير بن هشام، عن عيسى بن إبراهيم، عن الحكم بن عبدالله الأيلي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئًا، وما عمل من أعمال البر إلا كان أجره كصاحب الطعام ما كان من قوة الطعام فيه».
# دراسة الإسناد:
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا الحكم بن عبدالله الأيلي، ولا عن الحكم إلا عيسى بن إبراهيم، تفرد به كثير بن هشام».
وعيسى بن إبراهيم الراوي عن الحكم هو ابن طهمان الهاشمي، وهو متروك منكر الحديث، انظر ترجمته في لسان الميزان (4/ 391).
والحكم بن عبدالله الأيلي متروك منكر الحديث، واتُّهم بالوضع، انظر ترجمته في لسان الميزان (2/ 332 - 334).
فهذا الإسناد واهٍ جدًّا.
وقد جاء عن عائشة موقوفًا عليها:
أخرجه النسائي في الكبرى (3318) من طريق الحسين بن ذكوان المعلم، عن عطاء، عن عائشة، قالت: «من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجر الصائم شيء».
والحسين بن ذكوان فيه كلام، والحديث مشهور عن عطاء عن زيد بن خالد، وقد رواه عنه كذلك جماعة -كما سبق-.
ثم إن عطاء لم يبين سماعه من عائشة، وقد قال أحمد -كما في تهذيب التهذيب (7/ 182) -: (ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها الا أن يقول: سمعت).
فإسناد هذا الموقوف فيه نظر.
5 - حديث عبدالله بن مسعود:
¥