ورواه عن سعيد: أبو وهب عبدالعزيز بن عبدالله الجدعاني القرشي، وهذا ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 394) وقال: (يغرب، يجب أن يعتبر حديثه إذا بين السماع)، وذكره ابن عدي في الكامل، وقال: (عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات)، وذكر له هذا الحديث في أحاديث مما يستنكر له.
وتفرده عن سعيد بن أبي عروبة في جلالته ورواية الناس عنه محل نكارة.
هـ- سلام بن سليم:
وهو -فيما يظهر- الطويل، وهو متروك معروف الترك.
ورواه عنه: يحيى بن سعيد، ووقع في مطبوعة فضائل رمضان لابن شاهين نسبته: (القطان)، وهذا -فيما يظهر- تحريف عن (العطار)، فالراوي عنه (أحمد بن الفرج الحمصي) غير معروف بالرواية عن يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد العطار حمصي كأحمد بن الفرج، فهو بالرواية عنه أولى.
ويحيى بن سعيد الحمصي هذا منكر الحديث، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (11/ 193).
و- إياس:
وقد اختُلف عن عبدالله بن بكر السهمي في روايته:
فرواه الحارث بن أبي أسامة والحسن بن عرفة وأحمد بن عمران الأخفش عنه، عن إياس، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، به، ولفظ الصيغة عند الحارث: (حدثني بعض أصحابنا؛ رجل يقال له: إياس، رفع الحديث إلى سعيد بن المسيب).
ورواه محمد بن الفرج الأزرق عن عبدالله بن بكر، عن إياس؛ فسماه: إياس بن عبدالغفار، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، به.
ومحمد بن الفرج فيه ضعف، ورواية الثلاثة الثقات أصح، وروايته في تسمية والد إياس، وفي ذكر علي بن زيد بن جدعان= منكرة.
ثم إن عبدالله بن بكر السهمي لم يضبط اسم شيخه في هذا الحديث، قال أبو حاتم الرازي -كما في العلل (1/ 249) -: (غلط فيه عبدالله بن بكر، إنما هو: أبان بن أبي عياش، فجعل عبدُالله بن بكر أبانًا إياسًا)، ولعل عبدالله بن بكر سمع الحديث قديمًا من أبان، أو كان صغيرًا، فلما قرأ اسم شيخه صحَّف.
وقد سمى أحمد بن عمران في رواية العقيلي إياسًا: إياس بن أبي إياس، وعلى هذا ترجمَهُ العقيلي، ولعله داخل في التصحيف عن (أبان بن أبي عياش)، على أن الرواية بدون تسمية أبيه أقوى.
وأبان بن أبي عياش الذي رجعت هذه الرواية إليه متروك مشهور الترك.
وبهذا يتبين أن حديث سلمان هذا تكاثر عليه الضعفاء والمتروكون، وليس له طريق يمكن أن تثبت، وأسانيده لا يصح تقويتها ببعضها؛ لضعفها ونكارتها.
فالحديث لا يثبت أولاً عن علي بن زيد بن جدعان، وحتى لو ثبت، فعليٌّ نفسه ضعيف، وتفرده عن سعيد بن المسيب محل نظر شديد.
ولهذا؛ فقد تشكك ابن خزيمة في صحة الحديث، قال في التبويب عليه: (باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر)، وهذه عادته في أحاديث ضعيفة، وهو بريء بذلك من عهدة تصحيح الخبر، وقال أبو حاتم الرازي -كما في العلل (1/ 249) -: (هذا حديث منكر)، وترجم العقيلي في ضعفائه (1/ 35) لإياس -أحد رواة الحديث-، وقال: (مجهول، وحديثه غير محفوظ)، ثم أسند هذا الحديث، وقال: (قد روي من غير وجه، ليس له طريقٌ ثبت)، وقال ابن حبان في ترجمة حكيم بن خذام في المجروحين (1/ 247) بعد أن أسند له هذا الحديث: (وهذا لا أصل له)، وقال الذهبي في ترجمة إياس المذكور -في الميزان (1/ 282) -: (لا يعرف، وخبره منكر).
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[09 - 09 - 09, 04:43 م]ـ
7 - ومن الشواهد: حديث جابر بن عبدالله:
# التخريج:
أخرجه ابن الفاخر في موجبات الجنة (250) من طريق أحمد بن عبدالله بن أحمد الساوي، عن محمد بن جعفر بن فضالة، ثنا مالك بن أنس، عن محمد بن عجلان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من فطر صائمًا فله الجنة، ومن أشبع جائعًا فله الجنة ... »، في حديث طويل فيه تعداد لخصال كثيرة توجب الجنة.
# دراسة الإسناد:
هكذا جاء الإسناد، وفيه غير واحد لم أعرفه، والراوي عن مالك بن أنس لم أعرفه أيضًا، وفي الرواة: محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة، لكنه متأخر عن مالك، فالله أعلم.
وإسناد متأخر كهذا، فيه تفرد مجهول عن إمام مثل مالك بن أنس= ليس إلا إسنادًا منكرًا.
الخلاصة:
لم يثبت لهذا الحديث إسناد يصح الاعتماد عليه، وتقوية أسانيده ببعضها تقويةٌ للمنكر بالمنكر، والخطأ بالخطأ.
ولا شك أن هذا لا يعني إلغاء فضل تفطير الصائمين؛ فإن من المتقرر أن ضعف الدليل لا يعني انتفاء المدلول.
والله أعلم.
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[09 - 09 - 09, 07:09 م]ـ
¥