تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[07 - 12 - 09, 03:58 م]ـ

آمين، وإياك.

أخي الكريم: أرجو أن تفهم عني -بارك الله فيك-؛ لأن اعتراضك الآن هو اعتراضك قبل!

أعرف أن من قرائن الترجيح: العدد مقابل الواحد، والحفظ مقابل الخطأ، لكني أنظر إلى هذه الرواية بالذات نظرةً أشمل، فأعتمد عدة قرائن في تقوية رواية حماد بن سلمة، لا قرينة واحد.

وهذه كانت نظرة الأئمة النقاد لمثل هذا، وكانوا ربما رجحوا رواية الزائد في الإسناد ولو كانت القرائن الأولية تؤيد خطأه.

فمثلاً: قال ابن أبي حاتم -في العلل (1/ 122) -:

سألت أبي عن حديث رواه:

حماد بن سلمة،

وخالد الواسطي،

والأنصاري،

ومعتمر بن سليمان؛

كلهم رووه عن حميد، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ أنه صلى في ثوب واحد.

وروى يحيى بن أيوب، عن حميد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قلت لأبي: أيهما أصح؟

قال: (يحيى قد زاد رجلاً، ولم يقل أحد من هؤلاء عن حميد: سمعت أنسًا، ولا: حدثني أنس. وهذا أشبه؛ قد زاد رجلاً).

فهل غاب عن أبي حاتم أن اتفاق الثقات الأثبات (وفيهم حماد بن سلمة وهو من أعلم الناس بحديث حميد) على إسقاط ثابت أقوى من انفراد يحيى بن أيوب -وفيه ضعف- بإثباته؟

بل نظر نظرةً أشمل وأدق، فلاحظ القرائن الأخرى؛ مثل كون حميد لم يصرح بسماعه من أنس، وكونه كان يدلس عنه، فرجحت لديه رواية يحيى بن أيوب -على ضعفه- مقابل رواية الجماعة الحفاظ.

ولهذا نظائر.

والله أعلم.

ـ[ابو محمد المصرى الأثرى]ــــــــ[29 - 12 - 09, 09:35 ص]ـ

وفقني الله و إياك للعمل علي مرضاته،و الإنعام علينا بإدخالنا جناته.

فأرجو من الله أن يتسع صدر أخي محمد

فما نبتغي غير وجه الله

وإصابة الحق ...

ـ[ابو محمد المصرى الأثرى]ــــــــ[26 - 02 - 10, 09:57 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا إله غيره،مذهب الغل من صدور المؤمنين،علي سرر متقابلين، و الصلام و السلام علي رسوله الأمين الزعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ...

أعوذ بالله أن أكون من المنتصرين لأنفسهم بالباطل،لكن حياة العلم المدارسة، ولن ينبل المرء حتي يحدث عمن هو دونه،و من هو مثله،و من هو فوقه، و أسأل الله (عز وجل) أن نكون من الذين قال الله فيهم:"فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ... "الآية.

أقول: ذكروا من المرجحات بين الروايات:

- احتمال التدليس ممن وصف به:

فإذا اختلف على راوٍ - رُمِيَ بالتدليس – بزيادة بينه وبين شيخه، وكانت القرائن متقاربة، فإن القول بالزيادة في السند محتمل، لاحتمال التدليس من ذلك الراوي، فيكون أسقطه مرة.

قال الدَّارقُطني وسئل عن حديث الخوارج فقال: «وروى هذا الحديث أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه.

فرواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة عن علي.

ورواه سعاد بن سليمان عن أبي إسحاق عن قيس بن سويد عن علي ووهم.

ورواه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق فضبطه عن أبي إسحاق فقال عن أبي قيس الأودي عن سويد بن غفلة عن علي. وهو الصواب» (1).

-التصريح بالسماع:

فإذا روى راوٍ بزيادة في السند، وأسقطها آخر مع التصريح عن الشيخ الأعلى، أو صرح عن شيخ آخر، كان ذلك قرينة على صحة هذه الرواية – مالم تعارض بأقوى –، ويقوى ذلك إذا كان المسقط مدلساً قد عنعن.

قال ابن حجر في ذكر خلاف على سالم: «وليس لجرير بن زيد في البخاري سوى هذا الحديث، وقد خالف فيه الزهري، فقال عن سالم عن أبي هريرة والزهري يقول عن سالم عن أبيه. لكن قَوِيَ عند البخاري أنه عن سالم عن أبيه وعن أبي هريرة معاً، لشدة إتقان الزهري ومعرفته بحديث سالم، ولقول جرير بن زيد في روايته: كنت مع سالم على باب داره فقال: سمعت أبا هريرة، فإنها قرينة في أنه حفظ ذلك» (2).

وللتَّرجيح قرائن خاصة أخرى يمكن استنباطها من تعليلات الحفَّاظ، والنظر في سياق كلامهم، واستخراج أسباب ترجيحهم رواية على أخرى، مع التَّنبُّه إلى أنَّه قد تقدَّم قرينةٌ على أخرى لأسبابٍ تظهر من كل حديثٍ بعينه.

ومن الأمثلة على اختلاف الحفاظ في الترجيح بسبب الاختلاف في تقديم القرائن قول ابن أبي حاتم: «سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الثوري عن الزبير ابن عدي عن أبي رزين عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في المعوذتين.

قال أبو زرعة: ورواه عنبسة بن سعيد قاضي الري عن عمرو بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن أبي رزين عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة: حديث عنبسة وعمرو أشبه عندي إذا اتفق عليه النفسان، وهما الرواة عن الزبير، وأخاف أن يكون اشتبه على الثوري عاصم عن زر، ولعله من الزبير.

قال أبي: حديث الثوري أصح عن أُبيّ، وهو أحفظهم وأعلى من هؤلاء بدرجات والحديث بأُبي أشبه إذْ كان قد رواه عاصم عن زر عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس لحذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المعوذتين معنى» (3).

فاختلافا في قرينة الترجيح، فبينما اعتمد أبو زرعة على العدد والاختصاص، اعتمد أبو حاتم على الحفظ والمتابعة القاصرة.

ومما سبق يتبين إجمالاً إنه ينبغي في الترجيح بين الرواة الثقات عند خفاء القرائن العامة النظرُ في تراجمهم لاستنباط قرائن خاصة دقيقة تساعد على الحكم بدقة، كما لو كان الراوي معروفاً بقصر الأسانيد، أو وقفها، كما هو مذهب بعض السلف، وصرَّح به أحمد بن حنبل فقال: «وقد كان مذهبهم أن يقصروا بالحديث ويوقفوه» (4).

وقال الدَّارقُطني إنَّ ابن سيرين وابن عون ومالك ربما أوقفوا المرفوع أو أرسلوا الموصول (5).

(1) - العلل (3/ 229).

(2) - الفتح (10/ 322)، حديث (5790).

(3) - العلل (2/ 54 - 55).

(4) - رواية المروذي (78) وشرح العلل (2/ 689).

(5) - علل الدَّارقُطني (10/ 14و23و6/ 63).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير