تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من أدلة جواز المجاز صدق نقيضه]

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[30 - 09 - 08, 05:40 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أمابعد.

مسألة المجاز من المسائل التي اشتد فيها الخلاف، وكثر فيها النزاع، وقد تناولها المحقيقون من الأصوليين و المتكلمين بالبيان و التفصيل، فذهب قوم إلى إنكار المجاز في اللغة و القرآن، ومن أشهرهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القم، وذهب قوم إلى جواز المجاز في اللغة و القرآن عد الأسماء و الصفات وهم الجمهور، وقد بالغ الشيخ العلامة ابن القيم في وصف المجاز أنه طاغوتا فقال {ففصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء و الصفات وهو طاغوت المجاز} مختصر الصواعق المرسلة ص284

و أفاض الشيخ ابن القيم في إبطاله بأكثر من خمسين وجها، و الذي يلوح لي في هذه المسألة أن المجاز واقع في اللغة و القرآن عدا الأسماء و الصفات قال العلامة ابن قدامة في الروضة {القرآن يشمل على الحقيقة و المجاز} وقال {ومن منع فقد كابر ومن سلم وقال: لا أسميه مجازا فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه و الله أعلم} الروضة بتعليق شيخنا عبد القادر بن بدران.

ونسب الشيخ العلامة الطوفي المنع إلى الظاهرية و الرافضة، وحكى بعض العلماء و المحقيقين مذاهب أخرى في منع المجاز، و الذي اختاره شيخنا عبد القادر بن بدران القول بعدم المجاز، ولولا ضيق المقام لنقلنا كلام المحقيقين و الفحول في مسألة المجاز، نظر لنفاسته واشتماله على الفوائد و الدرر، لكن حسبنا في هذا المقام أن ننقل فائدة عزيزة وقفت عليه في حاشية السيد الشريف الجرجاني على تفسير الكشاف للزمخشري، أعجبتني فرأيت أن أنقلها لكم.

يقول الأستاذ العلامة السيد الشريف الجرجاني في قوله تعالى {وتراهم سكارى وماهم بسكارى} أثبت لهم أولا السكر المجازي ثم نفى عنهم السكر الحقيقي. قال أحمد: و العلماء يقولون إن من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك زيد حمار إذا وصفته بالبلادة ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار، فنفى عنه الحقيقة. فكذلك الآية بعد ان أثبت السكر المجازي نفى السكر الحقيقي. أبلغ نفي مؤكد بالباء، و السر في التأكيد التنبيه على ان السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شيء، و إنما هو أمر لم يعهد وقابله مثله وقال {ولكنه عذاب شديد} وكأنه تعليل لإثبات السكر المجازي.

انتهى قوله رحمة الله عليه.

المصدر

حاشية الشيد الشريف علي بن محمد أبي الحسن الجرجاني على الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل لجار الله الزمخشري

ومعه

2: وكتاب {الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الإعتزال} للمحب الدين أفندي

ج 3 ص6

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[30 - 09 - 08, 05:52 م]ـ

و الذين يقولون بنفي المجاز يستدلون ب جواز نفيه

طريفة .... أليس كذلك؟

ـ[د. محمد هشام طاهري]ــــــــ[06 - 10 - 08, 11:14 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد قرأت ما ذكرت من القول بالمجاز -بارك الله فيك- مع علمك بأن أهل العلم المحققين يقولون بنفي المجاز.

وهم كثيرون وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنفساً كثيرة ممن لم يقولوا بالمجاز.

ثم ما ذكرته من الفائدة عن الشريف الجرجاني -وقد فرحت به- ينبغي أن تتئد فيها؛ فإن الشريف الجرجاني أولاً أشعري إلى المخ، وصوفي إلى الذوق، وفلسفي حتى النخاع؛ وهو مع تمكنه من علم العربية ليس ممن يحتج بقوله في هذه المسألة لأنه طرف في النزاع.

ثانياً: إن ما أثبته الله تبارك وتعالى في قوله {وترى الناس سكارى} غير ما نفاه {وما هم بسكارى} فليس في الآية ما فهمه هو من نقض القضية؛ فإن المثبت {وترى الناس} رؤيةٌ للناس لحال المبعوثين، والنفي منصب لا على نفس الفاعلين؛ فإنه ما قال (وما تراهم بسكارى) حتى نقول إن الأول مجاز والثاني حقيقة؛ بل قال: {وما هم بسكارى} فعلم أن المثبت غير المنفي لانفكاك الجهة؛ فإن الأول متعلق برؤية الناس، والثاني متعلق بحالهم هم؛ فالناس يرونهم سكارى رؤية حقيقة، وهم في الواقع ليسوا متحركين مضطربين بسبب السكر، وإنما لهول المطلع؛ فتأمل: نراهم سكارى رؤية حقيقة، ولكنهم ليسوا بسكارى في واقع الأمر، وإنما اضطرابهم وحالهم لهول المطلع!؟

ثم القول بأن المجاز موجود في اللغة يحتاج إلى إثبات من قال به من اللغويين المشهورين، وقد ذكر شيخ الإسلام كثيراً من اللغويين الذين لم يذكروا المجاز.

وأيضاً من قال به ومنعه في باب الأسماء والصفات حجته ضعيفة فإن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز -إذا قيل به- فإنه يدخل في كل ما هو كلام؛ وباب الأسماء والصفات من جملته.

ولولا خشية الإطالة لنقلت كل ما جمعته مما قاله شيخ الإسلام حتى تتبين المقالة، لكن أحيل القارئ الكريم إلى كتب شيخ الإسلام وابن القيم والشيخ الأمين، وغيرهم من العلماء المحققين.

وأما قول صاحب الروض فإنه قريب من عبارة الغزالي، والغزالي ومن تبعه من الأصولين أخذوا المسألة وكأنها من مهمات مسائل الأصول مع أن المبحث هذا ينبغي ذكره في كتب اللغة وفي مباحث مسائل العقيدة لما يترتب عليه من مسائل خطيرة وعظيمة؛ ولهذا سماه العلامة ابن القيم طاغوتاً.

والله تعالى أعلم.

[لمن أراد الزيادة: امتاع ذوي العرفان بما اشتملت عليه كتب شيخ الإسلام من علوم القرآن، مبحث المجاز]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير