تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ركن التدبر و الاعتبار ...]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[15 - 10 - 08, 03:17 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..

وبعد،فهذا ركن في صفحة المنتدى خصصناه لتدبر آيات من التنزيل، نبين قدر المستطاع ما فيها من عبرة وجمال ... عسى الله أن يقينا من عثرة الوهم ويجعل لنا سهما من الفهم ...

-1 -

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} الملك19

القرآن يوقظ فينا ما أنامته الألفة واستهلكته العادة .. وقد كان يقال: " لا يزال الناس بخير ما تعجبوا من العجب "

الآية تنبه على عجيبة من العجائب لكن الناس يمرون عليها أو – بالأحرى- تمر عليهم وإن البصر خامل، وإن القلب غافل ..

تأمل قوله"فوقهم"فلا يغرنك تبلد الذوق فتتفاصح قائلا: وهل الطير إلا فوق فما فائدة ذكر ما لا يجهل!

ألم تعلم أن "فوقهم" تلك تقريع لك وتبكيت لمن شابهك، تنادي عليك بأنك من أصحاب التسفل أخلدوا إلى الأرض،مكبا على وجهك يستعصي عليك استشراف مخلوقات الآفاق!

أو تصيح عليك إن الأمر قريب منك هو فوقك- والجهة مضافة إليك متلبسة بك-ولكنك غير مبصر!

أو تثير فيك الدهشة الخامدة:

لم انفرد الطير بالفوقية دون غيره من الأجناس والأنواع؟

أتكون منها نزوة أو فيها شهوة!

فقررت فجأة أن تعتزل الماشي والمدب والزاحف وتتخذ لنفسها غير السبيل!

أتكون عقولها-و قد قيل عنها أحلام العصافير-اهتدت فجأة إلى ما لم يخطر ببال الأرضيين .. فتركت لهم التراب واستوطنت الهواء خالصا لها من دون ذوات الأرواح!

متى خطر لها ذياك الخاطر ... و كيف مضت تنشيء لنفسها ما يقتضيه"فوقهم" من خواف وقوادم ... !

وفي أي كتاب درست كيف تتملص من الجاذب فتوالى منها الصف والقبض ... !

ثم ما الذي حداها إلى كل هذا التعقيد .. أما كان يكفيها أن تمشي وتدب كما يمشون ويدبون .... !!

مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ

هل تمليت بشهود الربوبية أيها المخلوق الغافل!!

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:20 ص]ـ

-2 -

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {39} أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ {40}

معنى واحد ضرب له مثلان، وللتنويع دلالة بالغة على أن القرآن وحي يوحى:

المثل الاول صورة حارة جافة يهيمن عليها الضوء ..

المثل الثاني صورة رطبة باردة تهيمن عليها الظلمة ...

وتجاور الصورتين يؤسس منظرا عجيبا فكأن العين أمام مشهد تركيبي عجيب: عن اليمين قطعة من جزيرة العرب وعن الشمال قطعة من إيسلندا!!

رحم الله مالك ابن نبي الذي نبه على هذا المفارقة البلاغية البديعة ... واستدل بها على استقلال القرآن عن الأفكار المحمدية ...

فإذا كان المشهد الأول مألوفا في الوسط الصحراوي الذي نزل فيه القرآن فإن المشهد الثاني" لا علاقة له بالوسط الجغرافي للقرآن بل لا علاقة لها بالمستوى العقلي أو المعارف البحرية في العصر الجاهلي وإنما هي في مجموعها منتزعة من بعض البلدان الشمالية التي يلفها الضباب في الدنيا الجديدة أو في إيسلندا .... فلو افترضنا أن النبي رأى في شبابه منظر البحر فلن يعدو الأمر شواطيء البحر الاحمر أو الأبيض.ومع تسليمنا بهذا الفرض فلسنا ندري كيف يمكن أن يرى الصورة المظلمة التي صورتها الآية المذكورة! " (انظر الظاهرة القرآنية ص 295 - 296)

الحق إن مالكا بتحليله هذا يزيد من أرق الباحثين عن أصول وهمية للقرآن!

"وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"

يبدو أن الآية خطاب للمعاصر لا للجاهلي

فلم يكن الحديد في البيئة التي نزل فيها القرآن شيئا يذكر .. كان معروفا ولكنه لم يكن علامة حضارية بارزة عندهم فلعل الجلد والوبر كانا مشهودين أكثر من الحديد ... ومنافعهما أعم من الحديد فلم يكن العرب أهل صناعات ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير