تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن لو تأملنا أحوالنا العصرية لوجدنا مصداق الآية جليا: فنحن محاطون بالحديد من كل الجهات،ومنافعة ممتدة على كل صعيد،وبأسه مجرب في كل آن:

حديد في أركان البيوت وفي السيارات والطيارات وفي النقود والعملات وفي المفاتيح المصابيح المنشرات المنجرات المنضدات الطاولات القاطرات الباخرات الجارفات الواصلات الحاسبات المسدسات السيوف ...

آيات النورعالمية في الجغرافيا ...

آية الحديد عالمية في التاريخ.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:35 م]ـ

-3 -

وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ {45}

الآية معجزة!!

ولا نقول لمن يماري فيها إلا دونك القلم واللسان فخط وقل!

وهذا تفصيل لموضع الإعجاز في الآية:

سياق القصة معروف فهذا الفتى الثاني الذي كان في السجن مع الصديق -عليه السلام-ولعل خوض الناس في رؤيا الملك استدعى الى ذاكرته فصلا منسيا من حياته الماضية ... فهاهو الآن يقترح على الملأ أن تعبير الرؤيا -الذي عجزوا عنه -هو مع رجل صالح كان معه في السجن ...

أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ

لا يزعم أنه هو نفسه صاحب التأويل ... ويلزمه أن يخبرهم بما كان من أمر يوسف في السجن .... وهنا ينهض الإعجاز السردي في كامل بهائه .... لقد أخبرهم بقصة يوسف أو أشعرنا بأنه قد أخبرهم كل ذلك بكلمة واحدة:

"أرسلون"

إي نعم!

يطلب منهم هم أن يرسلوه ... فلا بد أن يكونوا عالمين بوجود المرسَل إليه ومكانه وحاله وهذا يقتضي أن يكون الفتى الناجي قد أعلمهم وأخبرهم .... كل هذا علمه المتدبر من كلمة واحدة ... "أرسلون" ... كلمة واحدة كاشفة عن مطوي كثير!!

ويمكن هنا تحدي الإنس الجن-بصيغة تمرين- فيقال لهما:

"وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ ..... "

اتمما الجملة بكلمة واحدة تفيدنا أن المتكلم كان قد أخبر الملأ بما وقع ليوسف في السجن ... والله إن ذلك ليس في طوقهما لا بكلمة ولا باثنتين ولا بثلاث!!

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[17 - 10 - 08, 08:53 م]ـ

-4 -

ألم تر إلى القرآن كيف يطوي المعنى ثم ينشره؟ فتجده مذكورا وما قد ذُكر ظاهرا وما قد ظهر!! في لطف تمتليء بروعته الألباب!

تأمل هذا الدعاء الرقيق للمؤمنين في الأسحار:

وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {191}

أي تناسب بين خلق السموات والأرض وطلب الوقاية من النار؟

لا بد من مد جسر ليتسق الأول والثاني ... وهذا من شأن التفكر أوليست الآية جاءت تنويها بصفة التفكر عند المؤمنين!

ثم إن "الفاء" أفصحت عن هذا المطوي .. فنشهد حوارا في التركيب ماتعا بين الإخفاء والإظهار!!

لو تتبعنا خط التفكير لانتهينا إلى ما انتهى إليه المتفكرون:

"فَقِنَا عَذَابَ النَّار"

فإذا" الفصيحة"" سببية" أيضا!

قالوا:

"رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً .. "

فتفكيرهم إذن يدور حول "الغائية"

"سُبْحَانَكَ"

وفي ضوء المبدأ ذاته ينزهون ربهم عن اللعب والعبث ..

الرب حكيم وما خلق الكون إلا لحكمة ...

فما هي؟

لن يتعثر الفكر كثيرا فالجواب جلي وسريع:

السموات والأرض خلقت للإنسان ... وهذا لا ينازع فيه مؤمن ولا كافر .. فالكافر وإن أنكر وجود الله أو أنكر حكمته فلا يستطيع أن ينكر أن الكون ملائم لسد حاجاته ... فهذه التفاحة التي يقضمها ما وصلت إليه إلا بعد عمل طويل مشترك ساهمت فيه الارض والشمس والنجوم!!

قال ساغان-العالم الفلكي المشهور-:

لكي تصنع فطيرة عليك أن تخترع العالم كله!!

فالرجل ينظر من موقع العالم ويبحث عن الأصول ... فمقادير الفطيرة عند الطابخات لا تعدو شيئا من الطحين وبضع بيضات وسكر .... لكن تتبع مصادر هذه المقادير يفضي حتما إلى مقولة ساغان .. فلا قمح بدون نجوم!

الآن أدركنا جليا أن العالم كله خلق من أجل الإنسان ..

لكن يجب للغائية أن تطرد!

فينقل السؤال إلى الإنسان ..

ما الغاية من وجوده ... كل هذا مسخر له،نعم. ولكن هو مسخر لماذا أو لمن؟

فيأتي الجواب سريعا أيضا:

غايته أن يعبد ربه ..

حسنا ..

وماذا لو لم يقم بهذه الوظيفة أو أساء القيام بها ... ؟

"فَقِنَا عَذَابَ النَّار"

أرأيتم الاتساق والترابط بين المقدمة والنتيجة!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير