تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[السني]ــــــــ[16 - 11 - 08, 07:08 م]ـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"هَذِهِ الَّتِي تَكُونُ رُءُوسُ الْأَجْزَاءِ وَالْأَحْزَابِ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ وَأَثْنَاءِ الْقِصَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَمَا بَعْدَهُ وَرُوِيَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَمَرَ بِذَلِكَ. وَمِنْ الْعِرَاقِ فَشَا ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَتْ التَّجْزِئَةُ بِالْحُرُوفِ مُحْدَثَةً مِنْ عَهْدِ الْحَجَّاجِ بِالْعِرَاقِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ كَانَ لَهُمْ تَحْزِيبٌ آخَرُ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّرُونَ تَارَةً بِالْآيَاتِ فَيَقُولُونَ: خَمْسُونَ آيَةً سِتُّونَ آيَةً. وَتَارَةً بِالسُّوَرِ لَكِنَّ تَسْبِيعَهُ بِالْآيَاتِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فَتَعَيَّنَ التَّحْزِيبُ بِالسُّوَرِ. فَإِنْ قِيلَ: فَتَرْتِيبُ سُوَرِ الْقُرْآنِ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا وَاجِبًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْكُولٌ إلَى النَّاسِ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ تَرْتِيبُ مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِهَذَا فِي كَرَاهَةِ تَنْكِيسِ السُّوَرِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد " إحْدَاهُمَا " يُكْرَهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. و " الثَّانِيَةُ " لَا يُكْرَهُ كَمَا يُلَقَّنُهُ الصِّبْيَانُ؛ إذْ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالْبَقَرَةِ ثُمَّ النِّسَاءِ ثُمَّ آلِ عِمْرَانَ. قِيلَ: لَا رَيْبَ أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ بَعْدَ سُورَةٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرَتَّبًا، أَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَكُونُ أَنْوَاعًا كَمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى أَحْرُفٍ وَعَلَى هَذَا فَهَذَا التَّحْزِيبُ يَكُونُ تَابِعًا لِهَذَا التَّرْتِيبِ.

وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّحْزِيبُ مَعَ كُلِّ تَرْتِيبٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعْيِينُ السُّوَرِ. وَهَذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ هُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِوُجُوهِ:

" أَحَدُهَا " أَنَّ هَذِهِ التحزيبات الْمُحْدَثَةَ تَتَضَمَّنُ دَائِمًا الْوُقُوفَ عَلَى بَعْضِ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِمَا بَعْدَهُ حَتَّى يَتَضَمَّنَ الْوَقْفَ عَلَى الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَحْصُلَ الْقَارِئُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مُبْتَدِئًا بِمَعْطُوفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَيَتَضَمَّنُ الْوَقْفَ عَلَى بَعْضِ الْقِصَّةِ دُونَ بَعْضٍ - حَتَّى كَلَامُ الْمُتَخَاطِبَيْنِ - حَتَّى يَحْصُلَ الِابْتِدَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِكَلَامِ الْمُجِيبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}. وَمِثْلُ هَذِهِ الْوُقُوفِ لَا يَسُوغُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِأَجْنَبِيِّ؛ وَلِهَذَا لَوْ أُلْحِقَ بِالْكَلَامِ عَطْفٌ أَوْ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ شَرْطٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ بِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَسُغْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ...

بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّقَ فِي التَّلْقِينِ لِعَدَمِ حِفْظِ الْمُتَلَقِّنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

" الثَّانِي " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عَادَتُهُ الْغَالِبَةُ وَعَادَةُ أَصْحَابِهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِسُورَةِ ك (ق وَنَحْوِهَا وَكَمَا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ " بِيُونُسَ " و " يُوسُفَ " و " النَّحْلِ " {وَلَمَّا قَرَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْفَجْرِ أَدْرَكَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ فِي أَثْنَائِهَا. وَقَالَ: إنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ} "." (مجموع الفتاوى 13/ 409)

ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[16 - 11 - 08, 08:52 م]ـ

... " ما جاء في كلام ابن تيمية صحيح، لكن العمل جرى قديما وحديثا على اعتماد التحزيب بالتجزئة، واشتهرت الأجزاء الثلاثون المبنية على عد الحروف. وما ذكر ابن تيمية من أن القصد من التحزيب التسوية في زمان النطق لا مساحة الخط قد لا يكون هو المراد دائما، قد يكون المراد من التجزئة هو التسوية بين الأجزاء في الخط، وهو ما نجده في مصحف المدينة، إذ يأخذ كل جزء عشرين صفحة في الغالب، وهو أمر حسن، ولا يتفاوت زمان النطق بالجزء عن الجزء الآخر كثيرا.

... أما ما ذكره من الوقف على المعطوف عليه دون المعطوف أو ما له تعلق بما قبله، فهذا لا يوجد دائما في رؤوس الأجزاء، كما أن بإمكان القارئ قراءة آية بعد نهاية الجزء، أو قراءة آية قبل البدء بالجزء، على نحو مَن يضطر للوقف على موضع لا يحسن الوقف عليه.

... ...

... وأحسب أن عد حروف القرآن وتحزيب القرآن على أساس من ذلك تتحقق منه فائدتان، في الأقل، الأولى: فائدة عملية، وهي مساعدة مَن يريد حفظ القرآن أو القراءة فيه على تقسيم وقته وتنظيم جهده. والثانية: فائدة معنوية، وهي ما تدل عليه عملية العد من اعتناء علماء السلف بالقرآن الكريم من جوانبه كافة. " ا هـ[غانم الحمد: أبحاث في علوم القرآن، ص 141 - 143، دار عمار - الأردن].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير