تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقفزة الأوليمبية هي العبارة عن كلام أبي حاتم في ترجمة القعقاع والغرض منه الكلام عن من هو هذا القعقاع،وكلام أبي حاتم بأن خبره جاء من طريق سيف وأنه صحابي شهد الوفاة، وذكر أن الخبر باطل، ودلالة ذلك الظاهرة على عدم قبوله لخبر سيف في القعقاع، وظهور كون هذا الخبر من جنس التاريخ عن الرجل وليس من جنس الحديث = العبارة عن ذلك كله بقولك شيخنا: تضعيف حديث في وفاة الرسول: هذه هي القفزة الأوليمبية حقاً ..

والقفزة الأوليمبية حقاً: هي القفز من كلام بعض أهل الحديث في أن الراوي يكون في باب أضبط من باب إلى جعل هذا مساوياً لتصحيح ما يتفرد به هذا الراوي من غير نظر إلى درجة ضبطه في الباب وهل تتناسب مع درجة ضعفه ..

فهذا الكلام من أهل الحديث إنما قصدوا به الراوي حسن الحديث القريب من درجة الضعف أو من فيه ضعف خفيف في الضبط، إذا كان متقناً ضابطاً ترتفع درجة ضبطه عن هذا في باب آخر؛ كعاصم في القرآن، وابن اسحاق في السيرة ..

والقفزة الأوليمبية حقاً هي تعدية ذلك إلى قبول حديث الكذابين والمتروكين ومن قيل عنه: متهم بالوضع والزندقة، والتوسع بقبول ما انفردوا به من غير مراعاة للهوة الشاسعة بين درجة ضبطهم وبين درجة القبول والتي تحتاج لمعضدات كبيرة ليقبل منهم، وإنما قبل منهم بعض المتأخرين ما لا خطر فيه كاسم قائد جيش أو سني وفاة، أما صحابي له أخبار ومشاهد لا تعلم إلا من طريقهم = فهذه قفزة أوليمبية تُجري على سيف بن عمر المتروك ما كان يجريه أحمد على ابن اسحاق الصدوق، وكما ترى فليست من المنهج العلمي في نقير ولا قطمير ..

ولا تستطيع لا القسوة ولا القفزة ولا ما شئت أن تأتينا بنص واحد عن عالم واحد من المتقدمين ينص على قبول أخبار هؤلاء المتروكين (الواقدي-سيف-لوط) وأشباههم في التاريخ ..

والتفسير والتاريخ والحديث كله حديث وأسانيد تحتاج لمن هو في حيز القبول لتقبل منه، وإنما فرق أهل العلم بين ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يروى عن غيره وما يروى عنه في الحلال والحرام وما يروى في غيره، ولا تستطيع القسوة ولا غيرها ألأن تأتينا بنص واحد عن عالم واحد يفيد قبول خبر الرجل المتروك لمجرد أنه في التاريخ أو غيره ..

وكل ذلك زعم باطل شاع على ألسنة المعاصرين ممن يشتهي التخفف من ثقل شروط القبول ليتسع له مجال الاستكثار من الحجج، وكل ذلك معيب قبيح ..

والمسألة واسعة لكني أكتفي بإشارة أراها هي مدخل الغلط عند من نسب للمحدثين تساهلهم في التفسير والتاريخ عن الحلال والحرام ...

وهذا التساهل المنسوب لهم إن قصد به قبول حديث من هو لين الحديث في نفسه من غير اعتبار آخر = فمثل هذا لا أصل له في كلامهم ..

وإنما المحفوظ يفقه بمراعاة أمرين:

الأول: أن من رجال الحديث من تشتد عنايته بعلم فيكون ضبطه فيه أحسن من ضبطه لغيره فيطلب له المتابع في غير علمه (غالباً) ويتخفف من طلب المتابعة ويقبل تفرده غير المنكر في علمه (غالباً)؛لضبطه وحسن حفظه فيه، مع كونه في كل ذلك ممن يقبل حديثه في الجملة كابن إسحاق، وعاصم بن أبي النجود.

الثاني: التساهل في كتابة حديث أقوام في التفسير والمغازي لا يقبل حديثهم في الحلال والحرام، وليس معنى الكتابة هنا هو القبول، وإنما معناها هو الاعتبار بها وزنتها بغيرها بنوع من الاعتبار والزنة يتنوع من علم لآخر، فبعض العلوم يختص بقرائن وخصائص تقوي قبول أو كتابة حديث الراوي الضعيف لا توجد هذه القرائن والخصائص في الحلال والحرام (غالباً)،فهي في التفسير (مثلاً) أن يشترك تلاميذ ابن عباس في تفسير معين لآية ثبت عنهم بطرق صحيحة،فيقبل ما يرويه ليث عن مجاهد عن ابن عباس لدلالة اشتراك التلاميذ على ضبط ليث لهذه الرواية،ومن الخصائص أن الرواية إن رد قبولها من حيث نسبة تفسير معين لرجل معين = فيبقى أن هذا تفسير ينسب في الجملة للسلف، وأن وهم أولئك الرجال لن يخرج إن وقع (فالضعيف قد يضبط) عن نسبة كلام رجل لرجل أو طبقة لطبقة لكن الأثر التفسيري سيبقى حينها في حيز أقوال السلف ..

وفي المغازي: أن يكون ذلك بسطاً لقصة طويلة أصلها في الروايات الصحيحة وليس في هذا البسط ما يمتنع حصوله أو يقتضي أن يكون قد أهمله رواة الصحيح لضعفه ..

أما جعل التفسير والمغازي من جنس الفضائل التي صح عن السلف التخفف فيها ففي غفلة عن أمرين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير