منظومة بديعة البيان من وفيات الأعيان، سأكتبها تباعاً هنا بإذن الله
ـ[محمد براء]ــــــــ[26 - 08 - 10, 04:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله تعالى في مقدمته: " النوع الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة.
وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء، ومواليدهم، ومقادير أعمارهم، ونحو ذلك.
روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ، أو كما قال.
وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ، فحاسبوه بالسنين. يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه.
وهذا كنحو ما روينا عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق، فأتاني أهل الحديث، فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان، فأتيته فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة - يعني - ومائة. فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين؟ قال إسماعيل: مات خالد ستة ست ومائة.
قلت: وقد روينا عن عفير بن معدان قصة نحو هذه، جرت له مع بعض من حدث خالد بن معدان، ذكر عفير فيها: أن خالداً مات سنة أربع ومائة.
وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكَشيّ، وحدث عن عبد بن حميد، سألته عن مولده؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومؤتين، فقلت لأصحابنا سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.
وبلغنا عن أبي عبد الله الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهمم بها:
العلل: وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الدارقطني.
والمؤتلف والمختلف: وأحسن كتاب وضع فيه كتاب بن ماكولا.
ووفيات الشيوخ: وليس فيه كتاب.
قلت - ابن الصلاح -: فيها غير كتاب، ولكن من غير استقصاء وتعميم، وتواريخ المحدثين مشتملة على ذكر الوفيات، ولذلك ونحوه سميت تواريخ. وأما ما فيها من الجرح والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم، والله أعلم " اهـ كلامه بلفظه.
قال مقيده عفا الله عنه: ومن الكتب البديعة التي صنفت في هذا النوع منظومة
((بديعة البيان من وفيات الأعيان))
للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى
وشرحها المسمى
التبيان لبديعة البيان
وحسبك في معرفة فضلها أن تقرأ ثناء الحافظ ابن حجر عليها إذ يقول في ذيل التبيان ص19:
" فقد وقفت على بديعة البيان وهي كاسمها في الحسن مبدعة، وتأملت رموزها وهي بثياب الحسن مبرقعة، ونظرت شرحها فإذا هي لأولي البيان تكاد تكون مخترعة، فلله در ناظمها ما أحلى نظامه، وشارحها ما أوضح كلامه، فالله أسأل أن يبقيه للطالبين ذخيرة، وللمستفيدين من تحرير هذا الفن بصيرة ".
وقد طبعت هذه المنظومة عن دار ابن الأثير في الكويت بتحقيق أكرم البوشي سنة 1418 هـ، وطبع شرحها عن دار النوادر في دمشق بتحقيق حسين عكاشة سنة 1429 هـ.
وقد أحببت أن أنشر هذه المنظومة في الملتقى مقابلة على الطبعتين المذكورتين، والله المستعان وعليه التكلان.
قال الناظم رحمه الله تعالى:
الحمدُ للهِ الذي يُبيدُ = كُلَّ الورى وخلقَهُم يُعيدُ
وأفضلُ الصَّلاةِ والسلامِ = على النبيِّ سَيِّدِ الأنامِ
وآلِهِ خيرِ البُيُوتِ البَرَرةْ = وصحبِهِ كنزِ العُلُومِ المَهَرَة
وبعدُ إنَّ العلمَ بالرُّوَاةِ = أجلُّه تحفُّظُ الوفاةِ
وهذه منظومةٌ تنبيها = ذكرتُ موتَ الحافظينَ فيها
ولا تظنَّ أنَّنِي نظمتُ = جميعَهُم بل جُلَّهُم ذكرتُ
على الطِّبَاقِ موتُهُم مرتُّبُ = تاريخُهُ من هجرةٍ فيحسبُ
وفاتُهُم مُدرَجَةٌ في الوصفِ = مَرمُوزَةٌ بأوَّلٍ من حرفِ
على حِسَابِ جُمَّلٍ تلوحُ = غيرَ أُناسٍ موتُهُم صريحُ
وفي وفاةِ معشرٍ خلافُ = غيرَ الذي أذكرُ لا يُضافُ
ونحو (بعدُ) إن أتى خُذ نقلَهْ = في سنةٍ بعدَ المُسمَّى قبلَهْ
وإن أتى الأمرُ و (عَدٌّ) (كُلُّ) = و (نسبٌ) (مُعرَّفٌ) و (مثلُ)
ونحوُهُ التَّكرارُ والإشارة = فلسنَ رمزَاً، أتقنِ العبارة
سَمَّيتُهَا بديعةَ البيانِ = عن موتِ الاعيانِ على الزَّمانِ
وأسألُ المهيمنَ الكريما = إخلاصَهَا ونفعَهَا عُمُوما
فهو القريبُ سامعُ الدُّعاءِ = وهو المُجيبُ واسعُ العطاءِ
وقبل ذكرِ الحافظينَ فاسمعِ = موتَ النبيِّ الشَّافعِ المُشفَّعِ
كان لإحدَى عشرةَ اتفاقاً = فعمَّتِ المصيبةُ الآفاقَا
¥