تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: ما في صحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن النسائي عن أنس بن مالك من طرق كثيرة أنه قال: صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا في أول قراءة ولا في آخرها

الرابع: حديث عائشة في صحيح مسلم وسنن أبي داود قالت: كان رسول الله يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين

الخامس: ما في سنن الترمذي والنسائي عن عبد الله بن مغفل قال: صليت مع النبي وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقول بسم الله الرحمن الرحيم إذا أنت صليت فقل الحمد لله رب العالمين

السادس: وهو الحاسم: عمل أهل المدينة فإن المسجد النبوي من وقت نزول الوحي إلى زمن مالك صلى فيه رسول الله والخلفاء الراشدون والأمراء وصلى وراءهم الصحابة وأهل العلم ولم يسمع أحد قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة الجهرية وهل يقول عالم ان بعض السورة جهر وبعضها سر فقد حصل التواتر بأن النبي والخلفاء لم يجهروا بها في الجهرية فدل على أنها ليست من السورة ولو جهروا بها لما اختلف الناس فيها.

وهناك دليل آخر لم يذكروه هنا وهو حديث عائشة في بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتبر مرفوعا إلى النبي وذلك قوله " ففجئه الملك فقال: اقرأ قال رسول الله فقلت ما أنا بقارئ إلى أن قال فغطني الثالثة ثم قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) " الحديث. فلم يقل فقال لي بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ بسم ربك وقد ذكروا هذا في تفسير سورة العلق وفي شرح حديث بدء الوحي.

وأما المسلك الثالث وهو الاستدلال من طريق الاستعمال العربي فيأتي القول فيه على مراعاة قول القائلين بأن البسملة آية من سورة الفاتحة خاصة وذلك يوجب أن يتكرر لفظان وهما الرحمن الرحيم في كلام غير طويل ليس بينهما فصل كثير وذلك مما لا يحمد في باب البلاغة وهذا الاستدلال نقله الإمام الرازي في تفسيره وأجاب عنه بقوله: إن التكرار لآجل التأكيد كثير في القرآن وإن تأكيد كونه تعالى رحمانا رحيما من أعظم المهمات0 وأنا أدفع جوابه بأن التكرار وإن كانت له مواقع محمودة في الكلام البليغ مثل التهويل ومقام الرثاء أو التعديد أو التوكيد اللفظي إلا أن الفاتحة لا مناسبة لها بأغراض التكرير ولا سيما التوكيد لأنه لا منكر لكونه تعالى رحمانا رحيما ولأن شأن التوكيد اللفظي أن يقترن فيه اللفظان بلا فصل فتعين أنه تكرير اللفظ في الكلام لوجود مقتضى التعبير عن مدلوله بطريق الاسم الظاهر دون الضمير وذلك مشروط بأن يبعد ما بين الكررين بعدا يقصيه عن السمع وقد علمت أنهم عدوا في فصاحة الكلام خلوصه من كثرة التكرار والقرب بين الرحمن والرحيم حين كررا يمنع ذلك. وأجاب البيضاوي بأن نكتة التكرير هنا هي تعليل استحقاق الحمد فقال السلكوتي أشار بهذا إلى الرد على ما قاله بعض الحنفية: إن البسملة لو كانت من الفاتحة للزم التكرار وهو جواب لا يستقيم لأنه إذا كان التعليل قاضيا بذكر صفتي الرحمن الرحيم فدفع التكرير يقتضي تجريد البسملة التي في أول الفاتحة من هاتين الصفتين بأن تصير الفاتحة هكذا (بسم الله الحمد لله الخ)

وأنا أرى في الاستدلال بمسلك الذوق العربي أن يكون على مراعاة قول القائلين بكون البسملة آية من كل سورة فينشأ من هذا القول أن تكون فواتح سور القرآن كلها متماثلة وذلك مما لا يحمد في كلام البلغاء إذ الشأن أن يقع التفنن في الفواتح بل قد عد علماء البلاغة أهم مواضع التأنق فاتحة الكلام وخاتمته وذكروا أن فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن وجوه البيان وأكملها فكيف يسوغ أن يدعى أن فواتح سورة جملة واحدة مع أن عامة البلغاء من الخطباء والشعراء والكتاب يتنافسون في تفنن فواتح منشآتهم ويعيبون من يلتزم في كلامه طريقة واحدة فما ظنك بأبلغ الكلام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير