تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

آية من كل سورة. ولم ينقل عن أبي حنيفة من فقهاء الكوفة فيها شيء وأخذ منه صاحب الكشاف أنها ليست من السور عنده فعده في الذين قالوا بعدم جزئيتها من السور وهو الصحيح عنه. قال عبد الحكيم لأنه قال بعدم الجهر بها مع الفاتحة في الصلاة الجهرية وكره قراءتها في أوائل السور الموصولة بالفاتحة في الركعتين الأوليين.

وأزيد فأقول إنه لم ير الاقتصار عليها في الصلاة مجزئا عن القراءة.

أما حجة مذهب مالك ومن وافقه فلهم فيها مسالك: أحدها من طريق النظر والثاني من طريق الأثر والثالث من طريق الذوق العربي

فأما المسلك الأول فللمالكية فيه مقالة فائقة للقاضي أبي بكر الباقلاني وتابعه أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن والقاضي عبد الوهاب في كتاب الاشراف قال الباقلاني: " لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتها إما التواتر أو الآحاد والأول باطل لأنه لو ثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري بذلك ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمة والثاني أيضا باطل لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن فلو جعلناه طريقا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية ولصار ذلك ظنيا ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف " اه " وهو كلام وجيه والأقيسة الاستثنائية التي طواها في كلامه واضحة لمن له ممارسة للمنطق وشرطياتها لا تحتاج للاستدلال لأنها بديهية من الشريعة فلا حاجة إلى بسطها ". زاد أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن فقال: يكفيك أنها ليست من القرآن الاختلاف فيها والقرآن لا يختلف فيه اه. وزاد عبد الوهاب فقال: " إن رسول الله بين القرآن بيانا واحدا متساويا ولم تكن عادته في بيانه مختلفة بالظهور والخفاء حتى يختص به الواحد والاثنان؛ ولذلك قطعنا بمنع أن يكون شيء من القرآن لم ينقل إلينا وأبطلنا قول الرافضة إن القرآن حمل جمل عند الإمام المعصوم المنتظر فلو كانت البسملة من الحمد لبينها رسول الله بيانا شافيا " اه

وقال ابن العربي في العارضة: إن القاضي أبا بكر بن الطيب لم يتكلم من الفقه إلا في هذه المسألة خاصة لأنها متعلقة بالأصول.

وقد عارض هذا الدليل أبو حامد الغزالي في المستصفى فقال " نفى كون البسملة من القرآن أيضا إن ثبت بالتواتر لزم أن لا يبقى الخلاف " أي وهو ظاهر البطلان " وإن ثبت بالآحاد يصير القرآن ظنيا قال ولا يقال إن كون شيء ليس من القرآن عدم والعدم لا يحتاج إلى الإثبات لأنه الأصل بخلاف القول بأنها من القرآن لأنا نجيب بأن هذا وإن كان عدما إلا أن كون التسمية مكتوبة بخط القرآن يوهن كونها ليست من القرآن فها هنا لا يمكننا الحكم بأنها ليست من القرآن إلا بالدليل ويأتي الكلام في أن الدليل ما هو فثبت أن الكلام الذي أورده القاضي لازم عليه اه وتبعه على ذلك الفخر الرازي في تفسيره ولا يخفى أنه آل في استدلاله إلى المصادرة إذ قد صار مرجع استدلال الغزالي وفخر الدين إلى رسم البسملة في المصاحف وسنتكلم عن تحقيق ذلك عند الكلام على مدرك الشافعي. وتعقب ابن رشد في بداية المجتهد كلام الباقلاني والغزالي بكلام غير محرر فلا نطيل به

وأما المسلك الثاني وهو الاستدلال من الأثر فلا نجد في صحيح السنة ما يشهد بأن البسملة آية من أوائل سور القرآن والأدلة ستة: الدليل الأول: ما روى مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى قسمت الصلاة نصفين بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد الحمد لله رب العالمين فأقول حمدني عبدي إلخ والمراد في الصلاة القراءة في الصلاة ووجه الدليل منه أنه لم يذكر بسم الله الرحمن الرحيم.

الثاني: حديث أبي بن كعب في الموطأ والصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل مثلها قبل أن تخرج من المسجد؟ قال: بلى فلما قارب الخروج قال له: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال أبي: فقرآت الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها فهذا دليل على أنه لم يقرأ منها البسملة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير