تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تنبيه: المعروف عند بعض القراء أنه لا يقف على ? الْعَالَمِينَ ?، ولا على ? الرَّحِيمِ ?، لاتصال الصفة بالموصوف، ولا مانع من ذلك لأن المعنى ظاهر، والأصل هو الوقوف على رؤوس الآي، ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يقطع قراءته يقول: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? ثم يقف، ثم يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? ثم يقف، فالفصل والوصل جائزان: ويحسن الفصل مع الترتيل والوصل مع الهذ وفي الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها»، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً.

قوله عز وجل: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.

قال ابن كثير: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي الأثر عن عيسى عليه السلام أنه قال: (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)، وقال ابن عباس: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر).

وقال ابن جرير: (حدثنا السري بن يحيى التميمي، حدثنا عثمان بن زفر، سمعت العزرمي يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم، قال: بالمؤمنين.

قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله ? الْعَالَمِينَ?، ليكون من باب قرب الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: ? نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ?.

قوله عز وجل: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ?.

قال ابن كثير: وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عاداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة. وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا، ولا يتكلم أحدًا إلا بإذنه كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ?، وقال تعالى: ? وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?، وقال تعالى: ? يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ?، وقال الضحاك عن ابن عباس: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكمًا كملكهم في الدنيا قال: و ? يَوْمِ الدِّينِ ? يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إلا من عفا عنه.

قوله عز وجل: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?.

أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، وهذا كثير في القرآن، قال تعالى: ? فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ?، وقال تعالى: ? هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ?، وقال تعالى: ? رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ?، قال ابن عباس: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ ?، يعني إياك نوحد ونخاف، ونرجوك يا ربنا لا غيرك. ? وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?، على طاعتك وعلى أمورنا كلها. قال البغوي: (والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده).

قوله عز وجل: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?.

قال ابن كثير: لمّا تقدم الثناء على المسئول تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال كما قال: (فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل)، وهذا أكمل أحوال السؤال، أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين، والهداية ها هنا: الإرشاد والتوفيق.

وقال البغوي: وهذا الدعاء من المؤمنين، مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت، وبمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الألطاف والهدايات من الله لا تتناهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير