تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن جرير: أجمعت الأمة من أهل التأويل، على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح، الذي لا اعوجاج فيه، وقال مجاهد: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?، قال: الحق.

وروى الإِمام أحمد وغيره عن النواس بن سمعان، عن رسول الله ? قال: «ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جانبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تعوجوا؛ وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإِسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم».

قوله عز وجل: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?.

أي: مننت عليهم بالهداية والتوفيق للإيمان، والاستقامة عليه من النبيين والمؤمنين، قال الضحاك عن ابن عباس: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?، بطاعتك، وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: ? وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ?.

قوله عز وجل: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?.

قال ابن كثير: والمعنى: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق. انتهى.

وروى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله ?، فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم إلى رسول الله ? صفوا له، فقالت: يا رسول الله نأى الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فَمُنَّ عليّ مَنَّ الله عليك، قال: «ومن وافدك»؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: «الذي فر من الله ورسوله»؟ قالت: فمنّ عليّ. فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليّ، قال: سليه حملانًا، فسألته فأمر له، قال: فأتتني فقالت: إنك فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان - وذكر قربهم من النبي ? - قال: فعرفت إنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فقال: «يا عدي ما أَفَرَّكَ؟ أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل من إله إلا الله؟ ما أفرَّك أن يقال الله أكبر؟ فهل شيء أكبر من الله عز وجل» قال: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر، وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» ... وذكر الحديث.

قال ابن كثير: مسألة، والصحيح من مذاهب العلماء، أنه يغتفر الإِخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما لمن لا يميز ذلك؛ وأما حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد» فلا أصل له، والله أعلم. انتهى ملخصًا، قال ابن مفلح في الفروع: (وإن قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين بظاء، فالوجه الثالث يصح مع الجهل). قال في تصحيح الفروع: (أحدها لا تبطل الصلاة، اختاره القاضي، والشيخ تقي الدين، وقدمه في المغني والشرح وهو الصواب) انتهى. يعني: تصح الصلاة ولو كان يميز الضاد والظاء، والأحوط للإِمام القراءة بالضاد إذا كان يميز ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير