تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله ? بعثًا، وهم ذوو عدد، فاستقرأهم كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: «ما معك يا فلان»، فقال معي كذا وكذا، وسورة البقرة فقال: «أمعك سورة البقرة»، قال: نعم، قال: «اذهب فأنت أميرهم». فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة، إلا إني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله ?: «تعلموا القرآن واقرءوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه، فقرأ وقام به، كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه، كمثل جراب أوكى على مسك». رواه الترمذي وغيره.

قال البخاري: وقال الليث حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف. وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: «اقرأ يا ابن حضير». قال: قد أشفقت يا رسول الله على يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال: «وتدري ما ذاك»؟ قال: لا. قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم». ولمسلم: «عرجت في الجو».

وذكر الحافظ ابن حجر أن في الحديث اختصارًا، أصله كما رواه أبو عبيد: (رفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بمثل الظلة، فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها).

وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي ? فسمعته يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». قال: ثم سكت ساعة ثم قال: «تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبر كالرجل الشاحب فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تجارة من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والديه حلتان لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً». رواه الإِمام أحمد.

قال ابن العربي في (أحكام القرآن): (اعلموا وفقكم الله أن علماءنا قالوا: إن هذه السورة من أعظم سور القرآن. سمعت بعض أشياخي يقول: فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حكم، وألف خبر ولعظيم فقهها أقام عبد الله بن عمر ثمان سنين في تعلمها).

قال الشعبي وغيره: ? آلم ?. وسائر حروف الهجاء في أوائل القرآن، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سر القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى. قال أبو بكر الصديق: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن، وأوائل السور. وعن ابن عباس أنه قال: معنى ? آلم ?: أنا الله أعلم، ومعنى ? آلمص ?: أنا الله أعلم وأفصل. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أرى. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أعلم وأرى. وقال مجاهد: هذه الحروف أسماء السور. وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور، بيانًا لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.

قال الزمخشري: (ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن). انتهى. والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير