وقال بعضهم: يقرأ بها سرًا في الجهرية. هذا القول هو الراجح وعليه تدل الأحاديث الصحيحة؛ ويشرع الجهر بها في بعض الأحيان، وتستحب البسملة في ابتداء كل عمل، تبركًا باسم الله تعالى واستعانة به، وفي الحديث: «كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم»، قال ابن عباس: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
قوله عز وجل: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه). انتهى، قال أبو نصر الجوهري: (والحمد أعم من الشكر، وأما المدح فهو أعم من الحمد، وقال ابن عباس: الحمد لله كلمة الشكر، وإذا قال العبد: الحمد لله، قال: شكرني عبدي).
قال البغوي: رحمه الله تعالى: (والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة، والشكر لا يكون إلا على النعمة.
وقوله تعالى: ? للّهِ ?، اللام للإستحقاق، والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وأنواعه لله تعالى.
وقوله تعالى: ? رَبِّ الْعَالَمِينَ ?، الرب: هو المالك المتصرف، والعالمين: جمع عالَم بفتح اللام، وهو كل موجود سوى الله عز وجل؛ والعوالم أصناف المخلوقات، وعن ابن عباس: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? الحمد لله الذي له الخلق كله، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن، مما نعلم ومما لا نعلم. وعن سعيد بن المسيب قال: لله ألف عالم: ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين أحدٌ إلا الله، قال الله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ?، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي: والعالم مشتق من العلامة.
قال ابن كثير: لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته، كما قال ابن المعتز:
فيا عجبًا كيف يعصي الإِله (أم كيف يجحده الجاحد (
وفي كل شيء له آية (تدل على أنه واحد (
تنبيه: المعروف عند بعض القراء أنه لا يقف على ? الْعَالَمِينَ ?، ولا على ? الرَّحِيمِ ?، لاتصال الصفة بالموصوف، ولا مانع من ذلك لأن المعنى ظاهر، والأصل هو الوقوف على رؤوس الآي، ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يقطع قراءته يقول: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? ثم يقف، ثم يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? ثم يقف، فالفصل والوصل جائزان: ويحسن الفصل مع الترتيل والوصل مع الهذ وفي الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها»، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً.
قوله عز وجل: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.
قال ابن كثير: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي الأثر عن عيسى عليه السلام أنه قال: (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)، وقال ابن عباس: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر).
وقال ابن جرير: (حدثنا السري بن يحيى التميمي، حدثنا عثمان بن زفر، سمعت العزرمي يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم، قال: بالمؤمنين.
قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله ? الْعَالَمِينَ?، ليكون من باب قرب الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: ? نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ?.
قوله عز وجل: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ?.
¥