تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) ?.

يقول تعالى: ? وَقَالُواْ ?، أي: اليهود، ? لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَّعْدُودَةً ? قال ابن عباس: اليهود قالوا: لن تمسنا النار إلا أربعين ليلة، وهي مدة عبادتهم العجل. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله ? شاة فيها سم، فقال رسول الله ?: «اجمعوا إليَّ من كان من اليهود ها هنا»، فقال لهم رسول الله ?: «من أبوكم»؟ قالوا: فلان. قال: «كذبتم، بل أبوكم فلان» فقالوا صدقت وبررت. ثم قال لهم: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه»؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم رسول الله ?: «من أهل النار»؟ فقالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها. فقال لهم رسول الله ?: «اخسئوا، والله لا نخلفكم فيها أبدًا». ثم قال لهم رسول الله ?: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه»؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم. قال: «هل جعلتم في هذه الشاة سمًا»؟ فقالوا: نعم؟ قال: «فما حملكم على ذلك»؟ فقالوا: أردنا إن كنت كاذبًا أن نستريح منك، وإن كنت نبيًا لم يضرك). رواه البخاري بنحو وغيره.

وقوله تعالى: ? قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً ?، أي: أن لا يعذبكم إلا هذه المدة، ? فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ ?؟ قال ابن مسعود: عهدًا بالتوحيد. ? أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?، أي: بل تكذبون على الله وتفترون؟ ثم قال: ? بَلَى ?: إثبات لما ذكر من خلود النار. ? مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، أي: ليس الأمر كما تمنيتم، بل الأمر أنه: ? مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ?، يعني: الشرك. ? وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ? مات ولم يتب، ? فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ?.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه». وإن رسول الله ? ضرب لهم مثلاً: «كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق، فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادًا وأججوا نارًا، فأنضجوا ما قذفوا فيها». رواه الإمام أحمد.

قوله عز وجل: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلا اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (83) ?.

يقول تعالى: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلا اللّهَ ? أي: أخلصوا له العبادة، كما قال تعالى: ? وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ?، ? وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ?، أي: وصيناهم ببر الوالدين، والإحسان إليهما. ? وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ?، قال ابن عباس: أمرهم أيضًا بعد هذا الخلق، أن يقولوا: ? لِلنَّاسِ حُسْناً ?: أن يأمروا بلا إله إلا الله، من يقلها ورغب عنها، حتى يقولوها كما قالوها، فإن ذلك قربة من الله جل ثناؤه. وقال الحسن البصري: فالحسنى من القول: أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصلح ويعفوا ويصفح، وقال الحسن أيضًا: لين القول من الأدب الحسن الجميل، والخلق الكريم، وهو مما ارتضاه الله وأحبه.

وقوله تعالى: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ?.

قال ابن جرير: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن يهود بني إسرائيل، أنهم نكثوا عهده، ونقضوا ميثاقه، بعد ما أخذ الله ميثاقهم على الوفاء له بأن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات، ويصلوا الأرحام، ويتعطفوا على الأيتام، ويؤدوا حقوق أهل المسكنة إليهم، ويأمروا عباد الله بما أمرهم الله به، ويحثّوهم على طاعته، ويقيموا الصلاة بحدودها وفرائضها، ويؤتوا زكاة أموالهم، فخالفوا أمره في ذلك كله، وتولوا عنه معرضين، إلا من عصمه الله منهم، فوفى الله بعهده وميثاقه.

يتبع ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير