وقوله تعالى: ? وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ?، قال قتادة: والنصب حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها ويذبحون لها فنهى الله عن ذلك.
قال ابن كثير: فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع، وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب، حتى لو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب من الشرك الذي حرمه الله ورسوله.
وقوله تعالى: ? وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ?، قال الحسن: كانوا إذا أرادوا أمرًا أو سفرًا يعمدون إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب: أؤمرني، وعلى الآخر: انهني، ويتركون الآخر محلّلاً بينهما ليس عليه شيء، ثم يحلّونها فإن خرج الذي عليه: أؤمرني، مضوا لأمرهم، وإن خرج الذي عليه: انهني، كفّوا وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها.
وقوله تعالى: ? ذَلِكُمْ فِسْقٌ ?، قال ابن عباس: يعنى: من أكل من ذلك كله فهو فسق.
وقال ابن كثير: ? وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ?، أي: تعاطيه فسق وغيّ وضلالة وجهالة وشرك، وقد أمر الله المؤمنين إذا ترددوا في أمورهم أن يستخيروه.
وقوله تعالى: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ?، قال مجاهد: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ?، ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ?: هذا حين فعلت. وقال ابن زيد في قوله: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ?، قال: هذا يوم عرفة. وقال ابن عباس: يعني: أن ترجعوا إلى دينهم أبدًا.
قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون المراد أنهم يئسوا من مشابهة المسلمين لما تميّز به المسلمون من هذه الصفات المخالفة للشرك وأهله.
وقال ابن جريج: ? فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ? فلا تخشوهم أن يظهروا عليكم، ? وَاخْشَوْنِ ?. قال ابن جرير يقول: ولكن خافون إن أنتم خالفتم أمري، واجترأتم على معصيتي، وتعدّيتم حدودي، أن أحلّ بكم عقابي وأنزل بكم عذابي.
وعن ابن عباس: قوله: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ?، وهو: الإسلام، قال: أخبر الله نبيه ? والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدًا. وعن هارون بن عنترة عن أبيه: قال لما نزلت: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ? وذلك يوم الحج الأكبر، بكي عمر فقال له النبي ?: «ما يبكيك»؟ قال: أبكاني أنَّا كنا في زيادة من ديننا، فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلاَّ نقص، فقال: «صدقت». وعن قتادة: قوله: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ? الآية: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ? يوم عرفة يوم الجمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام وأخلص للمسلمين حجهم.
قوله تعالى: ? فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، قال ابن عباس: ? فِي مَخْمَصَةٍ ?، يعني: في مجاعة. وقال مجاهد ? غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لّإِثْمٍ ? غير متعمد لإثم، وقال السدي: يقول: غير متعرض لإِثم، أي: يبتغي فيه شهوة أو يتعدّى في أكله. وعن أبي واقد الليثي قال قلنا: يا رسول الله إنا بأرض يصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفتوا بقلاً فشأنكم بها». رواه ابن جرير.
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) ?.
¥